هل نسينا السودان؟

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

لا تكتفي الكيانات الإرهابية والمتربصة بالمنطقة العربية ودولها بما أحدثته من ثقوب في مجتمعاتها، وليس لديها، بالطبع، ما تقدمه لقضاياها إلا المتاجرة بها والنفخ في رمادها حتى تشتعل تفاصيلها فتجد ما تعتاش عليه.

لا تعرف هذه المجموعات فضيلة الصمت اللازم في بعض الأوقات الحرجة، لأنها ببساطة، تجيد أحاديث الفتنة وإن كان ثمنها تغييب الحقائق وقتل البشر؛ لأن فيه حياة لإرهابها الذي لا يعترف بروابط ولا أوطان.

وسط ما نعيشه من مآسٍ، اختارت هذه الكيانات أن تشيع أن المجموع العربي نسي السودان ومحنته المتفاقمة، ليس طبعاً انشغالاً منها بهذا البلد المركزي في الخريطة العربية، أو خوفاً على مصيره، وإنما لتجد منفذاً تنفي منه الجهود العربية التي لا تتوقف لجمع الأطراف المتحاربة فيه على كلمة سواء رفقاً بأهله.

تعرف هذه الكيانات معرفة اليقين ما تفعله دول عربية فاعلة في ملف السودان الذي اتسعت فيه، للأسف، مساحات الأسى والفزع التي ربما تتوارى قليلاً في ظلال ما يجري في غزة.

الدم العربي واحد، ولا فرق في اليقين العربي بين فلسطيني أو سوداني، غير أن مجريات قضية بعينها قد تستأثر بالاهتمام الإعلامي، ربما لأنها أكثر سخونة، أو لطبيعة الأطراف المتواجهة فيها. ورغم ذلك، فإن القلق العربي على السودان لم يتلاش، بل استحال فزعاً ودعوات مكثفة إلى تغليب العقل ووضع السلاح الذي لم يرجّح كفة فريق على آخر، فالكل خاسر.

لا يمكن لعربي عاقل، وهو يتابع مأساة غزة، أن ينسى أن مثيلتها في السودان أفضت إلى نزوح سبعة ملايين شخص، ولجوء 1.5 مليون آخرين إلى دول مجاورة، فضلاً عما يتوارد عن أعمال نهب واعتداء على النساء يمكن أن تطيل قائمة من أودت بهم الحرب وهم، حتى الآن، أزيد من 12 ألف شخص.

كان يمكن تفادي هذ الخسارات طبعاً لو أن الالتجاء إلى لغة السلاح لم يكن خيار المتحاربين، وكان بالوسع تقليلها لو أنهم استمعوا إلى أصوات الحكمة العربية والدولية، أو التزموا بمخرجات اتفاق جدة أو استجابوا لجهود المصالحة الإفريقية.

وسط ذلك كله، لم تتوقف أيادٍ عربية لا تعرف المنّة، ولا تعترف بالاستعراض الإعلامي، ممدودة بالعون الواجب إلى ضحايا مأساة السودان، سواء في داخله، ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، أو في محيطه الذي استقبل لاجئيه.

هذه الأيادي لا تعنيها حسابات المتحاربين، ولا تنتظر شكراً، ولا يقعدها عن رسالتها الأخوية الإنسانية حقد المغيبين والمشردين في أصقاع الأرض.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4s45ceu3

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"