إنعاش اقتصادي بالصدمة

21:55 مساء
قراءة 3 دقائق

جاستن كلاوانز*
بعد تنصيبه رسمياً رئيساً لثاني أكبر اقتصاد في أمريكا الجنوبية، انطلق خافيير مايلي، الشعبوي الليبرالي اليميني، إلى النجومية من الغموض النسبي الذي أحاط بالظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها الأرجنتين. وللتعامل معها، قال الرئيس المنتخب في خطاب التنصيب إنه «لا يوجد بديل عن العلاج بالصدمة».

ويهدف العلاج بالصدمة إلى مكافحة الأزمة الاقتصادية الطويلة الأمد في الأرجنتين، في وقت تتعامل فيه البلاد مع واحد من أعلى معدلات التضخم في العالم، عند 143%، إلى جانب ديون بلغت 43 مليار دولار، وأربعة من كل 10 أرجنتينيين يعانون الفقر.

وفي خطاب النصر، الذي وصفته وكالة «أسوشيتد برس» بأنه «ليس الأكثر رفعة»، عرض مايلي ملخصاً لأجندته المزمع تنفيذها في الأرجنتين، بما في ذلك التخفيضات الكبيرة في الإنفاق الحكومي، في محاولة لكبح جماح التضخم المفرط وما وصفه ب«الرأسمالية الفوضوية».

وفي ضوء ذلك، يتساءل الكثير من الأرجنتينيين عن الكيفية التي سيتبعها رئيسهم الجديد في تطبيق «العلاج بالصدمة»، وماذا يعني ذلك بالنسبة لهم. وأشارت «أسوشيتد برس» إلى أن الناس في جميع أنحاء البلاد يشعرون بالقلق أيضاً بشأن أي نسخة من مايلي سوف يرون في قادم الأيام. هل نموذج التطرف الإيجابي ونهاية أنصاف الحلول الذي روج له في حملته الانتخابية، أم الرئيس المنتخب الأكثر اعتدالاً مثلما ظهر في الأسابيع الأخيرة؟

ويسعى مايلي جاهداً لإعادة تشكيل الحكومة الأرجنتينية نفسها وفق نظرته التحررية للعالم، حسبما أفاد جاك نيكاس من صحيفة «نيويورك تايمز». وهذا يتضمن في الغالب تخفيضاً هائلاً في الحجم والنظام المصرفي المركزي عموماً، وإلغاء 10 من أصل 18 وزارة حكومية. وفي هذا الصدد، قالت الحكومة في بيان الاثنين، إن هذا الخفض يمثل ضرورة «لترشيد أعمال الدولة وجعلها أكثر كفاءة».

وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن الرئيس المنتخب وضع خطة جديدة لإنقاذ الاقتصاد، لكن الجزء المركزي من حملته تلك يتمثل في القضاء على البيزو واستخدام الدولار الأمريكي كعملة وطنية للبلاد. وهنا تجدر الإشارة إلى أن العملة الأمريكية متجذرة وبشكل كبير في اقتصاد الأرجنتين، التي تشعر براحة كبيرة تجاه الدولار، وتستخدمه بالفعل في الكثير من التعاملات، لكن ما يريده مايلي هو إضفاء الطابع الرسمي واتخاذ نهج «الدولرة» أساساً شرعياً لاقتصاد بلاده.

وقال مايلي لداعميه: «إن الطريقة الوحيدة لإنهاء آفة التضخم هي منع السياسيين من الاستمرار في طباعة النقود»، ومن هذا المنطلق فهو يخطط لإغلاق البنك المركزي. ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن الأرجنتين تحتاج إلى ما بين 30 إلى 40 مليار دولار إضافية من العملة الأمريكية للتحول نحو النهج المخطط له رسمياً. ويرى نيكاس أن هذا قد يمثل مشكلة كبيرة لمايلي وخططه، نتيجة لديون الأرجنتين الحالية التي تثقل كاهل حكومته.

وهذه الخطة هي جزء من بعض السياسات المقلقة التي طرحها مايلي، حسبما قال ديفيد ريدل من مجموعة «ريدل للأبحاث». وأشار أيضاً إيليا أوليفيروس روزن، كبير الاقتصاديين للأسواق الناشئة في «ستاندرد آند بورز غلوبال»، لرويترز أنه «قد تكون هناك عواقب غير مقصودة للدولرة، وأنها لن تعالج المشكلة الرئيسية في الأرجنتين، وهي مشكلة مالية كبيرة حقاً».

إن الوعود التي طرحها مايلي في حملته الانتخابية والخطط التي ينوي اتباعها تعني أن العديد من الأرجنتينيين، بما في ذلك الفقراء، سيخضعون لتقشف كبير. وبحسب المحللين، صحيح أن الدولرة قد تساعد في تخفيف عبء التضخم، إلا أنها ستتسبب في صدمات مالية، كما أن إنهاء التعامل بالبيزو سيؤدي بالتأكيد إلى غرق الاقتصاد في بحر من الركود.

وبالنظر إلى تاريخ الأرجنتين الحافل بسوء الإدارة النقدية، فإن خطة مايلي ستكون محاولة جريئة نعم، ولكنها محفوفة بالمخاطر لأنها تنوي التراجع عن إرث عمره عقود من السياسات المالية. ومع ذلك، قد تكون أيضاً الفرصة الأفضل والأخيرة للبلاد للتحرر من دورة السنين السابقة السلبية على حد وصفه.

بطبيعة الحال، لا تزال الشكوك تحوم حول نوع الحكومة التي قد يقودها هذا الاقتصادي المشهور في الأرجنتين، وما الإجراءات التي سيعلن عنها في قادم الأيام؟ حسبما نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية. ويتوقع مؤيدو مايلي أن تكون التغييرات دراماتيكية، وبأن الأرجنتين إما أن تستدير بالكامل أو أنها ستغرق مثل «التايتانيك»، وأن على الشعب التضحية إذا أراد رؤية الضوء في نهاية النفق.

*كاتب مقال في «ذا وييك»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/bdfpzm9v

عن الكاتب

كاتب مقال في «ذا وييك»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"