عام ثقيل

00:27 صباحا
قراءة دقيقتين

نلج بعد ساعات، بحكم ضرورات التقويم، عاماً جديداً، لكننا في منطقة تتوالى فصول مآسيها، فلا نستطيع التمييز في أيامها بين بداية ونهاية، رغم سعي بعض أجزاء خريطتنا إلى توسيع مساحات النور، سواء باستعادة عوامل نهض عليها ماضينا في فترات ازدهاره، أو التأسيس المبكّر للمستقبل.

سيحلّ 2024 بكل تأكيد، غير أننا ندخله مثقلين بما فعل فينا سابقه، لا بوادر لأن نُغاث في العام الجديد، أو نعصر، فالجدب مقيم في سوريا، واليمن، وليبيا، والسودان، وفلسطين، حيث الأزمات عصيّة على الحل، وكلما لاح أمل تخطّفه تجار الأزمات.

فوق الأزمات السياسية، ضربت الكوارث الطبيعية بلداننا في العام الموشك على الرحيل، ففي مستهله، نالت سوريا نصيبها من آلام زلزال زاد بقاع التشرد والفقد، وراكم جديداً على تبعات الانقسام الداخلي، بفعل الأزمة المستمرة منذ 2011.

ورغم ذلك، وجدت سوريا بعض العزاء في عودتها إلى الحاضنة العربية ثمرة لجهود عربية بدأت في الإمارات، وتوالت في مناسبات عدة، قبل أن تتأثر بما يجري في المنطقة.

وفُجعنا أيضاً بزلزال ثانٍ استهدف المغرب، وأوقع آلاف القتلى والجرحى، وفي الفترة نفسها داهم الإعصار درنة الليبية وبدّل أبرز ملامح جغرافيتها، إما بهدمها، وإما بقذفها في البحر الذي بقي أياماً يلفظ جثث من اجتذبهم أحياء، فتراصّوا بجوار من ماتوا في أماكنهم التي حسبوها آمنة، في مقبرة جماعية.

وكان الرجاء أن تكون المحنة الإنسانية بداية توحّد ما انشطر من أقاليم ليبيا بفعل الصراع السياسي، وبان من لهجة سياسيها ما يبشّر بذلك، غير أن الكلّ تنكّر لما قال، كأن شيئاً لم يحدث، وعادت اللعبة إلى سيرتها، يشارك غرباء وقريبون يتوخون المكسب، ولو خسر البلد كلّ أهله. وها هو البلد العربي يدخل العام الجديد مُرهقاً بما ارتُكب في حقه، متأبطاً جاره، السودان، الذي احتكمت طبقته الحاكمة إلى السلاح لغة وحيدة للتحاور حول مستقبله؛ فتفرّغنا لإحصاء النازحين، واللاجئين، والقتلى، والمصابين، من شعبه.

أما غزة، فهي العنوان الحالي والحالك للقضية الفلسطينية العابرة للأعوام والأجيال، بفصولها المُرّة. توقف عام القطاع عند السابع من أكتوبر؛ فتشابهت الأيام، وتساوت في ما تحصده من الفلسطينيين، قتلى، وجرحى، ومشردين، كانوا ينتظرون مثلنا عاماً جديداً، غير أن تقويم الحرب خذلهم، وليس بوسعهم الآن، مثلنا تماماً، أن يضربوا موعداً لمساءلة الجاني، أو الجُناة.

سيبدأ العام في غزة، وليبيا، والسودان، وسوريا بإيقاع سابقه، وإن لم نملك القدرة على وقف ما يجري، فأبسط رجاء ألا تتسع رقعة الألم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4uwyjbe4

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"