التوازن والمنطقية في مواجهة جلد الذات!

احترام الذات، وإعلاء المكانة الشخصية، جانب مهم، يجب أن نتحلى به، لكن في حدود يجب عدم تجاوزها، بمعنى ألا يقود هذا الإعلاء إلى التكبر والتعالي على الآخرين، بل يكون في نطاق الثقة بالنفس.
الإعلاء من المواهب والمعارف الذاتية، أمر مطلوب ومنطقي، لكن يجب أن يكون في مساره الصحيح، عندما نفهم هذه الآلية، ونكون دقيقين في اتباعها، وعدم الانزلاق نحو التكبر والتعالي، فإننا دون شك، نكون قد منحنا أنفسنا ما تستحق من التقدير والاحترام.
جلد الذات، والقسوة على النفس، وتقليل من قيمة المنجزات، بل التقليل من مواهبك ومكانتك العلمية، أو ما تستند إليه من أفكار وحلول، خطأ جسيم، ينهجه البعض بحجة التواضع، أو معرفة قدر أنفسهم، الخطأ أن الآخرين لا يعلمون أنك تقوم بتهذيب نفسك، والحد من غرورها، بل يفسرون أفعالك وكلماتك ضد كيانك وذاتك بالحقيقة، ويتم التعامل معك وفق هذا النهج، وهذا فيه ظلم فادح، قد ينتج عنه في نهاية المطاف، إحباط شديد لك وتراجع، بل قد يحدث تحول لقناعة أنك بهذا المستوى المتواضع من المعرفة والجدية والإنتاج.
الذي حدث أنك قسوتك على نفسك، وكيانك، وذاتك، أولاً، ثم منحت الآخرين الضوء الأخضر، لممارسة نفس هذا السلوك معك.
والذي حدث أنك أسأت لنفسك، وأسأت لعلمك، ولأفكارك، بل أسأت حتى لمستقبلك الذي تتطور فيه، ومع هذا ستبقى نظرة الآخرين كما هي، وفي نفس مستواها المقلل من مكانتك، ودون شك أنه مع مرور الزمن، تترسخ نظرة الآخرين المقللة لسلوكك وأفعالك وعلمك، ويصعب تغييرها، ومهما فعلت تكون النظرة متواضعة نحوك. وهذا خطأ جسيم، أنت صنعته بيدك، ونما بموافقتك ومباركتك.
حتى لا يقع أحدنا في مثل هذا المطبوع الحياتي، المطلوب هو التوازن والمنطقية: التوازن، في التعامل مع النفس والذات، دون تهويل المنجزات التي تحققها، ودون تعظيم مهامك وأعمالك، وإنما وضعها في نطاقها الطبيعي، بمعنى عدم منح نفسك العرفان على منجزات لا أساس لها في الواقع... أما المنطقية، فمعرفة ما أنجزته وما حققته، ووفق ذلك تتحدث وتتعاطى مع الآخرين، لا تعظيم ولا تهويل، وأيضاً لا تقزم وتقلل، بل تكون عادلاً ومنصفاً ومنطقياً وأنت تشير لمهامك وأعمالك، وتترك للآخرين الحكم عليها، والتحدث عنها. بهذه الطريقة وهي التوازن والمنطقية، تسيطر على مشاعر الأنا التي تتلبس بنا، وفي اللحظة نفسها، تمسك بزمام الأمور، ولا تنكر منجزاتك، ولا يتم تجاهل أعمالك.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com