إيمان الهاشمي
العالم كبير للغاية، لكنه أمام فضاء القلب صغير جداً، ويكاد لا يُرى بالعين المجردة، فمن ذا الذي فَقَد عقله ليقول: إن القلوب تحيا بالصيغة المفردة! يال هذه الحماقة! ولهذا نتأكد أنه لا يمكن لطول المسافة أن تفسد قوة العلاقة، سواء كانت حباً حقيقياً أم كانت تحمل معاني الصداقة، لأن تنافر الأرواح يحدث وإن كانت الأجساد قريبة؛ ومهما بدت الروح معروفة لنا قد نراها مجهولة أو غريبة؛ حيث إن التفاهم هو الرئة الفعلية لاستنشاق الحياة، فلا خير في حياةٍ بلا حياة! كما في أنفاسنا أنفاس لا نتنفسها بأنفسنا، ولا تقبل مطلقاً بأن تكون أنفاسنا لأنفسنا! ولذلك يجب أن يقاس الاختناق بمدى انعدام الاتفاق! فالقلب عدد واحد «صحيح» لا يقبل القسمة مع العدد الخطأ! وهكذا فقط سنفهم الفرق بين (أوضاع) و(أو ضاع) العمر، وبين (أوجاع) و(أو جاع) القلب! أليس كذلك؟
وُلد وفي فمه ملعقة من ذهب، كيفما جاء وأينما ذهب، من أسرةٍ مرموقة وثرية، وسط جمال البندقية، في العصر الباروكي، عهد التواصل المَلكي، فتعلَّم عزف الكمان، وغنّى في كل مكان، كما لحّن لكل زمان، ولكنه لم يبحث عن أي عمل، فبحثت موسيقاه عن الأمل، مع العظماء مثل «كوريللي» و«فيفالدي»، في عالمٍ موسيقي غير مادي، وكذلك أُعجب به الأسطورة «باخ» حد الاستلهام من ألحانه، ولكن لاختلاف الطبقات بينهما لم يستطع شراء مكانه.
توماسو ألبينوني المغني والملحن الأوبرالي، والكاتب المسرحي والعازف المثالي، الذي كتب عنه ريمو جيازوتو الباحث الإيطالي، بعد انقضاء العمر ومرور الأيام، بما يقارب ال200 عام، فانتهى به الأمر بتلحين نفس الأنغام؛ حيث تبنّى أسس مقطوعة «أداجيو» الشهيرة، وهي كلمة تعني «بطء» الوتيرة، ليُكمل بها أحداث السيرة وتفاصيل المسيرة، ولهذا بنى «الأداجيو» بسرعة وفي زمنٍ قياسي، من شذرات اللحن الأساسي، لكنها نُسبت إلى ألبينوني بنسبةٍ كبيرة، نظراً لكونه الأب البيولوجي لهذه القطعة الخطرة، بينما اعتبر جيازوتو الأب الروحي والفعلي للصورة الأخيرة، فهو مِن أهم الذين حاولوا إنقاذ بقايا أعمال ذلك المسكين، بعدما مسها سوء الحظ أثناء غارات القصف اللعين، إبان الحرب العالمية الثانية، وبالتالي أعاد إليها الحياة مرة ثانية، فأصبح النصر جبلاً شاهقاً، لكن يبقى ذاك السؤال عالقاً، من الذي لحنها حقاً؟ أهو الذي ألَّفها منذ البداية أم الذي أكملها لاحقاً؟
الاسم: توماسو ألبينوني
التاريخ:1671 – 1751 80 سنة
الجنسية:إيطالي
النشاط:موسيقي
من أعماله:Adagio
