خواطر من وحي «هرمنا»

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل يهم أن تكون إدارة الأزمات، شأناً سياسيّاً، أو فصلاً في العلوم الإدارية، أو فنّاً من فنون ثقافة الفعل؟ المهمّ أهمّ من ذلك. إدارة الأزمات تكون مجديةً عندما يتحقق ما يجب أن يسبقها: الاستعدادات لمواجهة الأحداث وفهمها، وهذه تقع في دائرة البحث العلمي والعقل الناقد.
مرّ الرابع عشر من يناير، ذكرى «بن علي هرب»، بعد أنّات «هرمنا»، لكن، حتى الساعة لم نفهم ذرّة من «الربيع العربي»، كيف سرى كالنار في الهشيم، فإذا عدد من البلدان العربية عصفٌ مأكول؟ إذا كان عربيّاً، فكيف أكلت البلدان نفسها؟ وإن لم يكن عربيّاً فما تلك الهشاشة في الخريطة البسكويتية؟ معذرةً، خان القلمَ التعبير، فما حدث للعالم العربي، ويتطور حدوثه كتطور الداء الخبيث، ليس فيه من حلاوة البسكويت شيء، فهو سمّ زعاف، لا من تلك التي ذكرها أمير الشعراء: «ومن السموم الناقعات دواءُ»، مذاقها مرّ، لا من تلك التي أشار إليها البياتي: «شرب المرارات الكبار بلا مرارة». للأسف، بعد الشاعر عبدالوهاب، لم يعد العراق لا في مقام البيّاتي ولا مقام «العراق»، فمتى يمنّ الله عليه بالخروج من مقام الصبا إلى الراست؟ إلى متى يظل العراقي متربعاً على عرش نفطي سواده أشدّ سطوعاً ذهبيّاً من عصر الباروك، ولكنه يردّد مع السيّاب: «وفي العراق جوع»؟ في سوريا، فلسطين، لبنان، ليبيا، تونس...
الحلّ ليس أن نلجأ إلى جلد الذات، فردود الفعل هكذا، دليل على فشل التربية والتنشئة والتوعية، وانقطاع الجسور بين الفكر والثقافة والحياة العامّة. الدول التي لديها مراكز بحوث، تعمد عند ظهور الأزمات إلى مساءلة مؤسسات الاستشراف. تلك بمثابة الرادارات الحربية ومضادات الطائرات وحرس الحدود والمنافذ والموانئ. لا شك في أن الحكيم سيعترض قائلاً: رويدك، فلا تعجل علينا، وأمهلنا نخبّرْك اليقين، فما ذكرته صواب، سوى أن القاعدة الصلبة، هي تلك النظرية الاستراتيجية الخطّابية، المتمثلة في: «عدلتَ فأمنتَ فنمت». لو كانت قمم الهرم التي كانت صرحاً من خيال فهوى، قد عدلت وأطعمت شعوبها من جوع، وآمنتها من خوف، ما كان الأجنبي المغرض يجد ثغرةً تنفذ منها فيروسات مخططاته وأطماعه. الأنظمة التي لا ترى ضرورة وعي شعوبها ويقظتها وإحساسها بالمسؤولية في أمن أوطانها وازدهار تنميتها، هي تلك التي تمهلها الأيام ولا تهملها.
لزوم ما يلزم: النتيجة الشكريّة: الحمدلله على أنه كان ربيعاً، فماذا لو كان خريفاً أو شتاء؟ لا أعاده الله من ربيع تدميري.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/kxyarfyc

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"