ميلاد نموذج فكري جديد

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

هل يحدث أن تكون الهزات الارتدادية أقوى من الزلزال ذاته؟ ما جرى في محكمة العدل الدولية، لم يكن هو الأحداث الجوهرية الحقيقية، التي ستعيد التوازن إلى العلاقات الدولية، هذه مراحل لاحقة، جمهورية جنوب إفريقيا كانت العصا السحرية، التي أعادت إلى القانون الدولي الأمل في الحياة. كثر المعربدون، لا رادع ولا وازع ولا قدرة لمنازع، حتى القانون الدولي عطّلوه، صاروا يتحدثون عن «القواعد الدولية»، هل يعرف خبراء القانون ما هي القواعد الدولية؟ كان دائماً على العالم القول «في فمي ماء»، فالجبابرة لا يعرفون صغيراً ولا كبيراً.

إذاً، ما حدث في لاهاي، يشبه تماماً ضربات المسرح التي تسبق رفع الستار، إنه ميلاد النظام العالمي الجديد، بزوغ ثقافة فكرية، أو نموذج فكريّ جديد، وعودة الروح إلى العلاقات الدولية المتوازنة، لكن حذار الإغراق الغارق في الأوهام، ليس سهلاً أن يكون العالم آمناً مأموناً قريباً، فالقوى التي ظل مفكروها الاستراتيجيون، حتى النفس الأخير في حياتهم، يرددون أنها لن تسمح لأيّ نبات منافس بأن يرى النور، لن تتحلى بحلم معن بن زائدة، بدافع نزعة إنسانية أو خلق كريم، ستحرق ألف أخضر ويابس، تلك القوى في أوضاع عالمية أقل توتراً وصداماً مما هي اليوم، أشعلت حربين عالميتين في قرن، صار الحديث عن الحرب الثالثة علكة في كل فم، بعضهم يرى أنها اندلعت.

التاريخ سلسلة مفارقات، فالحرب العالمية الثانية أدت إلى ارتكاب جرائم ضد اليهود في ألمانيا وأوروبا، أسفرت عن إنشاء محكمة العدل الدولية، لمعاقبة الفاعلين، لكن الحل الذي اختلقه عفاريت العدل الدولي، هو نكبة فلسطين: «داوي جرح بيخلق جرح، وبعده الحبل على الجرار»، هل وقع بصرك على خريطة فلسطين سنة 1947، ثم سنة 2023؟ خمسة وسبعون عاماً من الظلم والنفاق الدوليين.

اختلف اليوم المشهد العالمي، ببزوغ ثقافة عالمية جديدة في كل القارات، خصوصاً الولايات المتحدة، كندا، ألمانيا، بريطانيا،... فرنسا وكذلك خارج الحديقة، أي في الأدغال، اسأل بها الخبير جوزيب بوريل، بالمناسبة، تحول الرجل 180 درجة، كأنما اكتست عيناه زرقةً يماميةً، أرته طيف من يهوى في قفص الاتهام، فرصة للذكريات، والتغني بما لم يصدح به محمد عبد الوهاب: «كم رأينا في ثراها أربُعاً.. فهجمنا وسحقنا الأربُعاَ».

لزوم ما يلزم: النتيجة الحتمية: إذا بقي لك شك في ميلاد النظام العالمي الجديد، فاغمض عينيك حتى تراه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5y8h87zf

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"