أبناء الإمارات في غزة

00:33 صباحا
قراءة 3 دقائق

صفية سعيد الرقباني

يقولون في الأمثال «ليس من رأى كمن سمع»، ومن يشاهد جهود أبناء الإمارات في غزة يدرك بكل صدق وأمانة أن ما يقومون به مصدر للإلهام والفخر، ويعبّر عن الجوهر الإنساني لدولتنا وقيادتها الحكيمة، التي تتجلى فيها قيم الإسلام العظيمة التي تمثل قمة القيم الإنسانية.

في الأسبوع الماضي، قمت ضمن وفد إماراتي بزيارة مدينة العريش في مصر، حيث اطلعنا على محطات تحلية مياه البحر في منطقة رفح المصرية، بهدف تزويد قطاع غزة باحتياجاته من مياه الشرب، في إطار الاستجابة الإنسانية لدولة الإمارات، للتخفيف من معاناة الأشقاء الفلسطينيين. والحقيقة أن الإمارات سبقت باقي دول العالم بهذه المبادرة من صاحب الإنسانية، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.

وقمنا أيضاً بزيارة مستودعات الإمارات للمساعدات الإنسانية في العريش لدعم عملية «الفارس الشهم 3» ضمن جهود الإغاثة الإنسانية. وعلى الرغم من متابعة حساب الفارس الشهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي الذي ينقل تفاصيل العمليات الإغاثية بشكل يومي تقريباً، فإنني ذهلت مما رأيت من جهود جبّارة خلف الفيديوهات والصور الإعلامية. فعلاً هناك تفاصيل عظيمة لا تنقلها لنا وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وهناك أشخاص من أبناء هذا الوطن، لا نرى دورهم من خلال وسائل الإعلام، ولكن يعملون دون كلل، وبكل جد في هذه الظروف الصعبة متسلحين بالمسؤولية والالتزام الوطني والإنساني، في ظل قيادة شجاعة وحكيمة.

لا يملك من يشاهد هذه الجهود الإنسانية الجبارة إلا أن يتوجه بكل الشكر لأبطال عملية الفارس الشهم، وإلى كل من أسهم ويُسهم فيها، ويعمل من أجل وطن عظيم يمثل نموذجاً للعمل الإنساني.

إن عمليات «الفارس الشهم» في نسختها الثالثة، تجسد شخصية الدولة الإنسانية، وثقل دورها السياسي، ونهجها الاستراتيجي القائم على التسامح والتراحم والتعايش السلمي، وتكريس قيم الأخوّة الإنسانية.

وتشرفنا بالمشاركة في عملية إخلاء المصابين ومرضى السرطان من مطار العريش إلى أبوظبي. إنها حقاً جهود جبارة تشكر عليها جميع الجهات المختصة من وزارة الخارجية ودائرة الصحة والهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث والهلال الأحمر. عملية إخلاء المرضى والمصابين تتم عبر تفاصيل دقيقة ومحكمة، لا نعلم عنها شيئاً إلا حين نشاهدها ونعيش لحظاتها، ولكن هي بتوجيهات قيادة حكيمة، لبّت نداء الإنسانية، وسبقت العالم في التخفيف عن معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق الذي حرصت قيادة الإمارات منذ تأسيسها في عهد الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أن تضعه في قمة أولوياتها، وتحرص دائماً على أن تكون العون والسند له في الأزمات والتحديات التي يواجهها.

منذ أحداث 7 أكتوبر 2023، لم تتوقف جهود الإمارات على مدار الساعة لوقف الحرب، وحماية جميع المدنيين، وتقديم الدعم الإنساني لهم، وإيجاد أفق للسلام الشامل. كل هذا يعكس البُعد الإنساني في استراتيجية التحرك الإماراتي حيال الأزمة في قطاع غزة، وطبيعةَ الدور الإقليمي للدولة القائم على التكامل بين البعدين السياسي والإنساني، عبر مبادرات دبلوماسية وتحركات ميدانية للتخفيف من وطأة الأوضاع الإنسانية، وهو ما يتماهى مع قيادة ذات نظرة ثاقبة، ملتزمة بالوعد غير ناقضة، بعيداً عن إطلاق الأقوال البراقة غير المرتكزة على عمل حقيقي.

كل هذه الجهود المتفردة تقوم بها الإمارات دون باقي الدول، حيث تمر مساعدات الإمارات إلى غزة، وحيث إنشاء المستشفى الميداني، ومحطات تحلية المياه تمت بفضل حكمة القيادة الإماراتية ومصداقيتها والثقة بها من جميع الأطراف، سواء الفلسطينية أو الأمريكية أو الإسرائيلية، كل ذلك تم بفضل مبادرة السلام في الاتفاق الإبراهيمي. حين تشاهد كل ذلك تقول إنه لو لم تكن للاتفاق الإبراهيمي أي نتائج سوى ما تقوم به الإمارات بغزة في هذه الكارثة الإنسانية لكان هذا كافياً، وكان الاتفاق ناجحاً ومفيداً لأبناء الشعب الفلسطيني.

هذه حكمة القيادة الإماراتية ونهجها الإنساني العميق، ورؤيتها الثاقبة. بوركت دولتي بقيادتها الحكيمة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mr2bn24d

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"