أهمية دبلوماسية الفضاء

00:20 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. محمد إبراهيم الظاهري*

مع تضافر الجهود الدولية لاستكشاف الفضاء الخارجي، أصبحت دبلوماسية الفضاء ركيزة أساسية لتحقيق التعاون الدولي المطلوب، وتعزيز التقدم التكنولوجي اللازم، وفي هذا الإطار تعد محطة الفضاء الدولية (ISS) بمثابة دليل حي يؤكد نجاح دبلوماسية الفضاء التي تنتج بسبب التعاون الحقيقي في هذا المجال.

دولة الإمارات العربية المتحدة زرعت بذور آمالها وطموحها في السبعينات عندما التقى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، بوفد «وكالة ناسا» الفضائية الأمريكية، بعد مهمة «أبولو» التاريخية؛ حيث تحولت هذه الرؤية إلى واقع ملموس مع إنشاء مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة في 2006، والتي أصبحت تسمى الآن مركز محمد بن راشد للفضاء، كما جاء إطلاق وكالة الإمارات للفضاء في عام 2014 بمثابة نقلة نوعية وتقدم ملحوظ في تحقيق طموحات الدولة.

ولعل واحداً من أهم الإنجازات الفضائية للإمارات في 2020 هو إطلاقها «مسبار الأمل»، وتوقيع «اتفاقيات أرتميس»، والبرنامج الوطني للأقمار الصناعية «سرب»، ما يؤكد التزام الدولة بمواجهة التحديات العالمية، خاصة في ما يتعلق بالتغيّر المناخي والتنمية الحضرية.

وعلى القدر نفسه من الأهمية، أصبح رائد الفضاء الإماراتي د. سلطان النيادي، وهو وزير دولة للشباب حالياً، أول رائد فضاء عربي يكمل مهمة مدتها 6 أشهر في محطة الفضاء الدولية، على الرحلة الاستكشافية 69، ليكون بذلك أول عربي يقوم بالسير في الفضاء، ما يعكس حرص الإمارات وطموحاتها في تعزيز الجهود المبذولة في مجال الاستكشاف العلمي.

أُطر التعاون

في عام 2019، أظهرت دولة الإمارات التزامها بتطبيق معايير الفضاء العالمية، من خلال سن قوانين تنظيمية متقدمة، وإنشاء «المجموعة العربية للتعاون الفضائي»، تحت قيادة عمران شرف، حيث لعبت الدولة دوراً فاعلاً في لجنة الأمم المتحدة لاستخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية (COPUOS)، ما عزز من مكانتها في هذا المجال على الساحة الدولية.

كما أنه، ولتعزيز جهودها في استكشاف الفضاء، أعلنت دولة الإمارات مؤخراً، عن مشاركتها في تطوير وحدة معادلة الضغط، أو ما تُعرف بCrew & Science Airlock لمحطة البوابة القمرية التابعة لوكالة ناسا، تعزيزاً للتطلعات العلمية الخاصة بالفضاء، وتكريس مفاهيم التعاون الدولي.

وفي إطار دعمها للاستثمار المستدام، خصصت الإمارات ثلاثة مليارات درهم في إطار التعليم والمبادرات الفضائية التابعة لوكالة الإمارات للفضاء، كما تهدف برامج مثل «نوابغ الفضاء العرب»، التي تلقى تشجيع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إلى بناء الجيل القادم من خبراء الفضاء العرب. ولا ننسى أن رحلة سلطان النيادي الناحجة لمحطة الفضاء الدولية ترفع من تطلعات دولة الإمارات لتحقيق إنجازات نوعية، وتؤكد حرصنا على تحقيق الريادة في هذا المجال.

وفي ظل الآمال الكبيرة التي تحملها دبلوماسية الفضاء، تتجلى مرونة دولة الإمارات العربية المتحدة، في تنفيذ العديد من المشاريع مثل «المستكشف راشد 2» الذي يُظهر تصميماً والتزاماً ووفاء لمبدأ الاستمرار في التقدم، كما توفر المشاريع المشتركة، الحكومية والتجارية، على السواء، سبلاً لتعزيز التقدم التكنولوجي، وتعزيز العلاقات الدولية، وتحقيق إنجازات علمية جماعية تساعد العالم من منظور أوسع.

ومع توسع حدود استكشاف الإنسان للفضاء، تزداد أهمية الدبلوماسية الفضائية أكثر؛ فتأثيرها لا يقتصر على التعاون والعلاقات المشتركة فحسب، بل يساعد أيضاً على تجاوز القيود الأرضية، لذا يتطلب المستقبل، سواء على كوكبنا أو في الكون الواسع، أن تكون هناك رؤية مشتركة، وروح تعاون تدفعنا لاستكشاف إمكانات أكبر وإيجاد سبل جديدة للاستفادة منها، وتحقيق إنجازات تخدم البشرية جمعاء.

* نائب مدير عام أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mwpemcsp

عن الكاتب

نائب مدير عام أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"