«لا» أمريكية ثالثة!

00:34 صباحا
قراءة دقيقتين
2

عندما تعرب دولة الإمارات عن خيبة أملها الكبيرة إزاء «الفيتو» الأمريكي الثالث في مجلس الأمن ضد مشروع قرار تقدّمت به الجزائر باسم المجموعة العربية، يطالب بوقف إطلاق نار إنساني فوري في قطاع غزة، وترى أنه «يعمق من الكارثة الإنسانية» في القطاع، و«أن النظام الدولي القائم على أسس قانونية واضحة وصريحة يسقط مجدداً أمام اعتبارات سياسية ضيقة في ظل معاناة إنسانية غير مسبوقة يدفع ثمنها المدنيون»، إنما تلتقي بذلك مع معظم دول العالم داخل مجلس الأمن وخارجه، في رفع الصوت عالياً بضرورة وقف إطلاق النار فوراً، ومن دون تأخير لوقف عملية الإبادة الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني، ومحاولة اقتلاعه من أرضه.

وحدها الولايات المتحدة قالت «لا» من بين الدول ال15 الأعضاء في مجلس الأمن - حتى بريطانيا لم تجاريها في الرفض واكتفت بالامتناع عن التصويت - معلنة بذلك أنها مع استمرار المذبحة، وأنها تعطي إسرائيل الضوء الأخضر للمضي في القتل والتدمير، وبذلك تفقد أية مصداقية في زعمها بأنها تسعى إلى وقف النار والعمل من أجل حل سياسي، وإطلاق سراح الأسرى والمخطوفين، والتخفيف من معاناة المدنيين وفتح المزيد من الممرات الإنسانية للتخفيف من معاناة أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني يعيشون تحت قصف الطائرات والصواريخ والمدافع ليل نهار، وفي ظروف مأساوية غير مسبوقة في تاريخ الحروب.

إن هذا الموقف الذي يتكرر للمرة الثالثة منذ أجهضت الولايات المتحدة يوم الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي مشروع القرار الإماراتي لوقف إطلاق النار، ثم في 16 ديسمبر/كانون الأول في إرسال بعثة تقصي حقائق للتحقيق في دعاوى بارتكاب إسرائيل «جرائم حرب» في غزة، هو إعلان أمريكي واضح بالمشاركة في حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وإلا ما معنى أن تبرر مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن ليندا توماس غرينفيلد استخدام «الفيتو»، لأن مشروع القرار المعروض «لا يحقق السلام.. وأن التصويت عليه غير مسؤول»، وأنه «يعرقل المفاوضات الحساسة للخطر» التي تستهدف إطلاق الرهائن، في حين أعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي أن الإدارة الأمريكية «لا تعتقد أن الوقت قد حان لوقف دائم لإطلاق النار».

نفهم من هذا الموقف أن الولايات المتحدة تمارس الازدواجية في مواقفها،كسياسة ثابتة في التعاطي مع الشأن الفلسطيني، أي الدعم المطلق للعدوان الإسرائيلي وتزويده بكل وسائل القتل والتدمير والإبادة، مقابل وعود جوفاء بالتسوية والمساعدات الإنسانية للفلسطينيين والعرب.

إن هذا الموقف الأمريكي يعني أن حياة مليون ونصف المليون إنسان فلسطيني بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن معرضون للتنكيل والقتل والإبادة واقتلاعهم من أراضيهم.

إن حماية إسرائيل ب«الفيتو» في مواجهة الفظائع التي لا توصف في قطاع غزة، هو تستر على الإبادة ومشاركة فيها لاستكمال المخطط الإسرائيلي في تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/bcvemj7c

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"