التحليلات المتطورة والذكاء الاصطناعي: نقلة في استجابة الطوارئ وإنقاذ الأرواح

الدكتور عادل الشرجي، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة "بريسايت"

يمتلك الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة اليوم أثراً إيجابياً واضحاً في كافة جوانب النشاط البشري تقريباً، حتى عندما يتعلق الأمر بإنقاذ الأرواح البشرية. وأصبح يمكن اليوم تجهيز المستجيبين الأوائل للطوارئ بمجموعة كاملة من المنصات والحلول التي يمكن أن تساعدهم على التنبؤ بحالات الطوارئ والكوارث الطبيعية والتخطيط والاستجابة لها بكفاءة أكبر. وعلى هذا النحو، أعاد
هذا المزيج من البيانات الضخمة والتحليلات تشكيل علم الطوارئ.

الصورة

التنبؤ والاستعداد
استُخدمت الحواسيب للتنبؤ بالطقس منذ خمسينات القرن الماضي، ويتم تخصيص بعض أقوى الحواسيب العملاقة في العالم اليوم لنمذجة المناخ والأرصاد الجوية. وبعد عقود من البحث إلى جانب البيانات الصادرة في الوقت الفعلي والمراقبة عبر الأقمار الصناعية والنماذج التحليلية المتطورة وإمكانات الذكاء الاصطناعي، أصبحنا الآن قادرين على فهم حتى أنماط الطقس المعقدة والتنبؤ بأحداث الطقس بمستوى عالٍ من الدقة. وبالنسبة للحكومات ومزودي خدمات الطوارئ، يوفر التنبؤ الدقيق المزيد من الوقت لإصدار التحذيرات الاستباقية للعامة والإخلاء وإعداد فرق الاستجابة.

توفر التحليلات القائمة على الذكاء الاصطناعي أيضاً رؤية واضحة وفهماً أكبر للأحداث الطبيعية المعقدة الأخرى مثل حرائق الغابات أو الفيضانات أو الزلازل. وقال باحثون في جامعة تكساس بأوستن أنهم طوروا خوارزمية ذكاء اصطناعي يمكنها التنبؤ بالزلازل قبل أسبوع من حدوثها. ومن خلال الجمع بين البيانات التاريخية والمراقبة في الوقت الحقيقي، تنبأت الخوارزمية بالزلازل بدقة تصل إلى 70%.

تعتبر حرائق الغابات أنظمة معقدة للغاية بسبب وجود العديد من العوامل المختلفة التي تؤثر في مدى خطورتها وتوضح كيفية تفاعل رجال الإطفاء معها. ويدرس العلماء المجالات التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدعم فيها جهود مكافحة الحرائق، وتشمل البحث في قابلية التعرض للحرائق وكيفية انتشار الحرائق والكشف المبكر عنها. وتم إطلاق مشروع FireAId التجريبي الناجح في تركيا عام 2022 والذي ساعد رجال الإطفاء بشكل كبير على تقليل وقت الاستجابة والمخاطر2.

تمتلك شركة NEC شريكة "بريسايت" نظاماً قوياً لمحاكاة الفيضانات يستفيد من مجموعة واسعة من مصادر البيانات بما فيها هطول الأمطار المرصودة والمتوقعة والبيانات الطبوغرافية وبيانات المجاري المائية لإطلاق إنذار مبكر بالفيضانات والتنبؤ بالمناطق الأكثر عرضة لخطر الفيضانات ونمذجة الحد الأقصى لمستويات الفيضانات وغيرها من المعلومات المتعلقة بالفيضانات.

تتيح التحليلات الاستجابة الفعالة لحالات الطوارئ
ليس التنبؤ والإنذار المبكر سوى جانب واحد من جوانب الاستجابة لحالات الطوارئ، وعلى الرغم من أن الحوادث لا مفر منها، إلا أنّ التحليلات المتطورة والذكاء الاصطناعي تعمل بشكل متزايد على تزويد المستجيبين الأوائل والجهات الحكومية بأدوات فريدة لإدارة الحوادث وإنقاذ الأرواح.

وكأي تحول رقمي، هناك العديد من التقنيات المختلفة التي تجتمع معاً لتحسين قدرات خدمات الطوارئ. على سبيل المثال، الحرائق في المناطق الصناعية. عندما تأتي التقارير الأولية، يمكن أن تبدأ مشاركة البيانات عبر الأجهزة المحمولة وخدمات تحديد الموقع الجغرافي وتطبيقات المواطنين في تكوين صورة لمكان الحادث. ويمكن لكاميرات المرور مشاركة البيانات في الوقت الفعلي، كما تستطيع تطبيقات تخطيط المسار والتحليلات مشاركة أسرع الطرق المؤدية للحادث مع فِرَق الطوارئ، بالإضافة إلى تعيين النوع المناسب من فرق الاستجابة تلقائياً لمعالجة الموقف.

وتستطيع فرق الاستجابة في مكان الحادث الوصول إلى البيانات من مصادر مختلفة، تشمل الصور من الطائرات المُسيّرة والكاميرات المثبتة على أجساد أفراد الطاقم، ومشاركة تلك البيانات مع وحدات التحكم في مركز القيادة كي يتمكنوا من رسم خريطة للحادث وصياغة أفضل خطة للاستجابة والتعاون مع الوكالات الأخرى. ويمكن للأطباء الوصول إلى السجلات الطبية للمريض على الفور عبر الأجهزة المحمولة والاتصال في الوقت الفعلي بالخبراء الطبيين وتعيينهم في المرافق التي تمتلك التخصصات والإمكانات المناسبة لعلاجهم. ويمكن أيضاً استخدام تحليلات مسارات المرور نفسها لاختيار أفضل الطرقات لسيارات الإسعاف.

وتستطيع الأنظمة من خلال دمج عمليات الاستجابة لحالات الطوارئ مع بيانات وخرائط البلدية من تحليل وضع المنطقة المحيطة تلقائياً ورفع مستوى التنبيه لأي مخاطر ثانوية محتملة، مثل مستودع كيميائي قريب قد يكون في طريق الحريق الأساسي. ويُمكن بث تنبيهات الطوارئ الآلية وتحويلات حركة المرور وتعليمات الإخلاء المحددة للأفراد عبر التطبيقات.

وتُسهم التحليلات المتطورة بتوفير إمكانية حساب العديد من الاتصالات والخطوات المطلوبة للاستجابة لحالات الطوارئ تلقائياً أو وفقاً لخطط الاستجابة المحددة مسبقاً، ما يقلل من وقت المباشرة بالتنفيذ بشكل كبير. ومن خلال الجمع بين كل هذه المصادر المختلفة للبيانات وربط مختلف الأطراف والفرق، تستطيع حلول التحليلات تقديم مستوى غير مسبوق من الرؤية الواضحة والتخطيط والاستجابة والمتابعة، ما يحدث بدوره نقلة نوعية في طُرق الاستجابة لحالات الطوارئ وإنقاذ الأرواح.

 https://www.kxan.com/news/local/austin/earthquake-detecting-ai-algorith…
2 https://www.weforum.org/press/2023/01/successful-pilot-shows-how-artifi… 
3 https://www.nec.com/en/press/201605/global_20160523_01.html