صاحب النقب
حاصر الأمير الأموي مسلمة بن عبدالملك أحد حصون الروم المنيعة للاستيلاء عليه، ولكن الروم أبدوا مقاومة شديدة حالت دون سقوط الحصن. شدد المسلمون الحصار على الحصن وتمكنوا من إحداث نقب في أسواره لينفذوا منه إلى داخل الحصن، ولكن الروم فطنوا لذلك فحشدوا نخبة قواتهم حول النقب، الأمر الذي أدى إلى استشهاد عدد كبير من المسلمين، إلا أن أحد الجنود المسلمين استطاع بشجاعة نادرة دخول الحصن وفتح الطريق لغيره من المسلمين الذين تمكنوا من اقتحام الحصن والسيطرة عليه.
قدَّر مسلمة بن عبدالملك شجاعة ذلك الجندي وأراد مكافأته على عمله، فجمع الجند وطلب من المنادي أن ينادي: (أين صاحب النقب؟) فلم يجبه أحد، ثم كرر الطلب مرات عدة، وأخيراً خرج جندي ملثم وقال: (أنا أيها الأمير صاحب النقب، ولكن آخذ عليكم عهوداً ومواثيق ثلاثة: لا تسودوا اسمي في صحيفة، ولا تأمروا لي بشيء، ولا تسألوني من أنا)، فقال مسلمة: قد فعلنا ذلك، ثم اختفى الجندي المجهول من دون أن يعرفه أحد، فكان مسلمة يقول بعد كل صلاة: (اللهم اجعلني مع صاحب النقب).
أكرم من حاتم
سأل رجل حاتماً الطائي فقال: يا حاتم هل غلبك أحد في الكرم؟ قال: نعم، يتيم من «طيء» نزلت بفنائه، وكان له عشرة رؤوس من الغنم، فعمد إلى رأس فذبحه، وأصلح من لحمه، و قدّم إلي، و كان فيما قدّم إلي الدماغ، فتناولت منه فاستطبته، فقلت: طيب والله، فخرج من بين يدي، و جعل يذبح رأساً رأساً و يقدم إلي الدماغ وأنا لا أعلم، ولما خرجت لأرحل، وجدت حول البيت دماً عظيماً، وإذا به ذبح الغنم كلها، فقلت له: لم فعلت ذلك؟ فقال: سبحان الله تستطيب شيئاً أملكه فأبخل به عليك، إن ذلك لسبة على العربي قبيحة.
قال الرجل: يا حاتم: فما الذي عوضته؟ قال: ثلاثمئة ناقة حمراء، وخمسمئة رأس من الغنم، فقيل: أنت إذاً أكرم منه، فقال: بل هو أكرم، لأنه جاد بكل ما يملكه، وإنما جدت بقليل من كثير.
سباق في الخير
ذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً إلى عجوز فقيرة وقدم لها معونة فقالت له: لقد كان عندي منذ قليل من أعطاني، وتكررت مساعدة عمر لتلك العجوز، وفي كل مرة كانت تخبر عمر بأن رجلاً سبقه إلى مساعدتها، وفي إحدى المرات وقف عمر راصداً باب العجوز فرأى رجلاً متخفياً يدخل إلى دارها، ولما خرج أسرع إليه عمر ورفع عنه اللثام فإذا هو أبوبكر الصديق رضي الله عنه، فقا له عمر: والله ما علمت أنه لا يسبقني إلى ذلك الخير غيرك.
