تحديات لا تغيب

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

مهما تعددت مدن انعقادها، تحتفظ القمة العربية دوماً بأدبيات أصبحت محفوظة في الشارع العربي من قبيل أنها تأتي وسط تحديات عميقة تواجه المنطقة، وفي ظروف بالغة الحرج تحتاج إلى مرحلة جديدة من العمل المشترك ورؤى عميقة لتجاوزها بما يحقق آمال الشعوب العربية.

هذه التحديات والظروف غالباً ما تكون في الصياغات السابقة للقمة «غير مسبوقة»، وآمال بامتلاك القدرة على التعامل معها بحكمة لا تغادر النقاشات والبيانات.

وهذا ليس عيباً في ذاته بقدر ما هو انعكاس لديمومة أزمات المنطقة العربية التي لا يجتمع قادتها إلا على وقع تحديات، بعضها مزمن، والبعض الآخر طارئ عاصف يراكم المهددات، ولعل في هذه الصورة ما يربك قطاعاً من الشعوب العربية ويسلّمه لليأس من أن تستريح هذه المنطقة، وأن يكون نصيبها من التوتر كنصيب غيرها في أرجاء العالم بدلاً من دورات الصراع بين جهود الهدم والبناء، وبين محاولات البعض إفساد الحاضر وجرّنا إلى الماضي، وسعي البعض إلى تحصين هذا الحاضر بعمل جاد يحفظ المستقبل ويزوده بالأمل.

القمة العربية الثالثة والثلاثون التي تلتئم بعد غد الخميس في البحرين محاطة هي الأخرى بالتحديات، ولن تخلو من الرغبة في ولوج مرحلة جديدة للعمل المشترك اللائق بما نواجهه وبتطلعات الشعوب، انطلاقاً من موقف موحد قد يكون، للأسف، فاقداً لمقومات وجوده في هذه المرحلة.

هذا الموقف تعترضه عوامل عدة منها اتساع مساحات القلق في الخريطة العربية، بفعل الأزمات المزمنة وما استجد عليها منذ انعقاد القمة السابقة في مدينة جدة السعودية.

في النسخة السابقة حدث اختراق بعودة التمثيل السوري إلى القمة، أملاً في تفكيك أزمة طالت، وتقوية العمل العربي المشترك للتعامل مع بقية الجراح في ليبيا، واليمن، والعراق، وفلسطين وغيرها.

كانت الأزمة السودانية وقتها في بدايتها، والجهود العربية تحاول تطويقها حتى لا تستفحل، لكننا بعد عام نعيش تبعاتها الإنسانية والسياسية الثقيلة، ودخلت القضية الفلسطينية منعطفاً تاريخياً بما يحدث في غزة، ولا نفع للجهود العربية والدولية لصنع وفاق في ليبيا، فيما لبنان مهدد بالانزلاق إلى خطر جديد يعمّق معاناته، واليمن ماضٍ في مساره المحفوف بالضياع.

كل ذلك محاط بتدخلات إقليمية ودولية تتفاقم إما لمزيد من التمدد في الخريطة العربية عبر نقاط هشة، وزيادة عددها، أو لخلق وقائع جديدة تحاصر القرار العربي.

هذا القرار، على كل حال، في اختبار جديد مع قمة البحرين، وبعض الأسئلة صعب، وأحدها متعلق بمنظومة العمل العربي، وتحديداً مؤسستها الأبرز جامعة الدول العربية. وبلا أي تقليل لأهمية الجماعة، على الأقل في غياب البديل، فإنها غائبة بشكل ملحوظ على الأقل في الظروف الحالية، فالعمل العربي في أزمة غزة ينهض على تحركات فردية أو ثنائية لدول عربية معدودة في الأروقة الإقليمية والدولية.

وقد يبرر ذلك بالقول الشائع إن الجامعة مجموع إرادات يدور معها، ضعفاً وقوة، لكنه أمر يستدعي نقاشاً باعتباره تحدياً شبه دائم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/468v47y5

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"