بصمة غزّية في بريطانيا

00:34 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

فرضت الحرب الإسرائيلية على غزة نفسها على أجندة الانتخابات المحلية التي أجريت في بريطانيا، مؤخراً، قبل نحو ستة أشهر من الانتخابات العامة التي ينتظر أن تسفر عن تغيير جوهري لصالح حزب العمال على حساب سقوط مدوٍّ لحزب المحافظين، بعد استئثاره بالسلطة لنحو 14 عاماً متواصلة.

استيقظ البريطانيون في الثالث من مايو/ أيار الحالي، على واقع انتخابي جديد، مع تحقيق حزب العمال فوزاً مهماً في الانتخابات المحلية الجزئية، على حساب خسائر فادحة تكبّدها المحافظون. ومع ذلك كان ثمة وجه سلبي لهذه الانتخابات، حين وجد العماليون أنفسهم أمام معضلة خسارتهم للكثير من الأصوات في مناطق ذات أغلبية مسلمة، حيث انخفضت حصة العماليين من الأصوات بنسبة 21% عن عام 2021.

وعلى العموم حصد العماليون أكثر من 170 عضواً في هذه الانتخابات الجزئية وسيطروا على ثمانية مجالس محلية، وعلى بلدية لندن، حيث فاز صادق خان للمرة الثالثة بهذا المنصب، مقابل خسارة المحافظين نحو 120 عضواً وثلاثة مجالس محلية. كان فوز مرشح حزب العمال في بلاكبول شمال غرب إنجلترا بأغلبية نحو 60 في المئة من الأصوات على مرشح المحافظين مؤشراً على تحول في الرأي العام يمكن أن ينعكس على الانتخابات العامة في عموم بريطانيا، وهو ما دفع حزب العمال إلى المطالبة ب «التغيير» وتبكير موعد الانتخابات. إذ يرى بعض خبراء الانتخابات، أن حزب المحافظين قد يكون في طريقه لخسارة 500 عضو في المجالس المحلية في «واحد من أسوأ، إن لم يكن الأسوأ» أداء للحزب منذ 40 عاماً.

لكن «التغيير» المنشود الذي يطالب به العماليون، لم يكن بمنأى عن الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية والطلابية التي اجتاحت شوارع المدن والجامعات البريطانية الداعمة للفلسطينيين والمطالبة بوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. إذ يمكن أن تعزى خسارة المحافظين لأسباب كثيرة، في الواقع، منها تردي الوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة، والسياسات الضريبية التي أثقلت كاهل الطبقة المتوسطة، وإدارة ملف المهاجرين، وأزمة القيادة الداخلية وغيرها، لكن السياسة الخارجية كانت حاضرة بقوة في هذه الانتخابات، حيث شكلت الحرب على غزة محدداً أساسياً في تصويت عدد كبير من الناخبين. ورغم أن موقفي الحزبين لا يختلفان كثيراً من حيث الجوهر في موضوع الحرب على غزة، الا أن حزب العمال شهد منذ البداية خلافات ومعركة داخلية وانشقاقات بشأن السياسة التي يجب انتهاجها إزاء تلك الحرب. وجاءت نتائج الإنتخابات الأخيرة لتثير قلق الحزب أكثر وتدفعه نحو مراجعة موقفه بعدما تبين له أنه خسر 39 مقعداً، على الأقل، بسبب ناخبين مسلمين محسوبين تقليدياً على «العمال» وفضلوا منح أصواتهم للأحزاب المنافسة والمستقلين. وهو ما دفع عدداً من قادة الحزب إلى المطالبة بتعديل موقفه من الحرب على غزة وإعادة ترميم العلاقة واستعادة الثقة من الناخبين المسلمين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y38a7uk9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"