فراغات في علاقة الفن بالعلم

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

هل فكّرت يوماً في شيء بعيد المنال، فإذا هو يتجسّد لخيالك قبل أن يرتد إليك طرفك؟ ليس المقصود الشخص الذي يكذب الكذبة ويصدّقها، فما العسير في أن تضيف مناهج العرب في جميع الفروع والتخصصات غايةً إبداعيةً تكون متناغمةً وموازية للإعداد المهني؟

لنأخذ زاويةً من المشهد ونتأملِ الفنونَ كيف تطورت بفضل استيعاب منجزات التقدم العلمي والتقاني. سوف ندرك أن البلدان التي لديها فنون متألقة اليوم إنما هي بلدان ارتقت إلى القمم علميّاً وتكنولوجيّاً، وأن ذلك لم يكن مصادفةً بل حصيلة مسيرات طويلة في تطوير أنظمة التعليم التي قام عليها البحث العلمي. هل يمكن إخراج فيلم مثل «بين النجوم» (أنترستلاّر) من دون الإشراف في الفيزياء الفلكية والنظرية للعالم الأمريكي كيب ثورن؟ من أين لكاتب القصة والسيناريو والمخرج الإلمام بأمور مثل نظرية الثقب الدّودي، حتى ولو كانت ضرباً من الخيال العلمي الفيزيائي. على معاهد الفنون الجميلة ومدارس الفنون المسرحية أن تغيّر مناهجها لأنها تجاوزها الزمن، ولأنها بعد سنوات ستجد موادّ دروسها أشبه بنقود أصحاب الكهف والرقيم. شبيبة الغد في السينما والمسرح خُلقوا لزمان غير زمانكم، فأعدّوا لهم مناهج مستقبلية. أفلا ترون أن فيزياء الكمّ في كل زوايا بيوتكم؟

أمّا عن الموسيقى فعلى المشتغلين بها أن يعرفوا موقعهم منها كعلم وفن. لكن لن يتجرّأ أحد على مطالبة أهل المغنى بأن يغضّوا الطرف فلا السنباطي ومحمد عبد الوهاب بلغوا ولا موتزارت وبيتهوفن. الكلثوميات وإن كانت قمّة بلغتها الموسيقى العربية، لكنها تاريخ لا يُقاس عليه، ولا على الأدوار والقدود، ولا البشارف واللونجات. لقد انتكست الأغنية في أكثر من 90% من الإنتاج. لا بد من الوقوف في وجه التردي في الذوق العام. أربعمئة مليون ليس لهم على غير الأغنية وأكثريتها غير مستوفية المقاييس. حتى الساعة ليس للعرب موسيقى مستقلة عن الكلمات، بالتالي ليس للأطفال موسيقى. لا وجود لمؤلفات موسيقية للآلات، كالثلاثي، الرباعي، الخماسي. ليس للعرب مسرح غنائي حاضراً. المعاهد الموسيقية لا أثر لها. مراكز البحوث الموسيقية غول وعنقاء أو نكرة.

لزوم ما يلزم: النتيجة الفلسفية: الذوق خيار إدراكي يتطور مع تنمية الإحساس بالجمال والعقل الناقد. لا وجود لمجتمع ذوقه الفني هابط، وبقيّة خيارات حياته متألقة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3fu9nhms

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"