فرنسا في أوكرانيا

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

مثلما حدث في الحرب على غزة، شهد الموقف الفرنسي من النزاع في أوكرانيا تحولاً من النقيض إلى النقيض في فترة قصيرة ردّه البعض إلى ما يعتبر فشلاً في السياسة الخارجية للرئيس إيمانويل ماكرون وارتباكاً متعلقاً بمخاوف داخلية من الهزيمة أمام اليمين المتشدد.

وكلنا يتذكر أن فرنسا كانت الدولة الوحيدة التي تباينت مواقفها من الحرب في غزة في أيام عدة، ففي بداياتها، اقترح ماكرون توسيع نطاق التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق وسوريا ليشمل أيضاً القتال ضد حركة «حماس»، وهو أمر انتقدته بشدة أحزاب المعارضة الفرنسية. وبعدها استضافت فرنسا مؤتمر سلام دعا إليه ماكرون وطالب خلاله بإقرار هدنة إنسانية يعقبها وقف شامل لإطلاق النار.

في ملف أوكرانيا، كان الموقف الفرنسي هادئاً في البدايات رغم رفضه لموقف روسيا، وصُنف ماكرون ضمن معسكر المهادنة والتعقل في الرد، غير أنه مع الوقت تملكته فكرة زعامة أوروبا والمدافع عنها في وجه التهديد الروسي، ما انعكس على مواقفه منه.

قبل فترة، تبنّى ماكرون فكرة أوروبا المأزومة والمهددة بخطر تاريخي أمام «العدوان الروسي»، ولم يعد يستبعد أن تبادر بلاده إلى نشر قوات في أوكرانيا، غير أن التهديدات الروسية بالرد القاسي على من يفعل ذلك، ولو حتى من باب التدريب، جعلته يميل إلى أن تكون بداية الإسهام في الحرب بصيغة تدريب عسكري للطيارين الأوكرانيين في فرنسا وأوكرانيا.

ماكرون أكد لنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، أنه يريد «وضع اللمسات الأخيرة على تحالف» الدول المستعدة لإرسال مدربين عسكريين إلى أوكرانيا، وأن تدريب طيارين أوكرانيين على مقاتلات «ميراج 5-2000» الفرنسية وشيك.

روسيا لم يَفُتها الرد على ماكرون واتهامه بتأجيج التوترات في أوروبا عبر لعب دور مباشر في أوكرانيا، وهو اتهام يقوم على أكثر من دليل، ففضلاً عن نية إرسال طائرات«ميراج 5-2000» ومدربين، تسعى شركة «كي أن دي أس» الفرنسية الألمانية لتقنين وجودها على الأراضي الأوكرانية عبر فرع لها يتولى صيانة منتجها الأبرز: مدافع «قيصر»، بالإضافة إلى إنتاج قذائف.

البعض يعتبر ماكرون مغالياً في تحركاته في الملف الأوكراني، ربما من باب التفرد بدور المدافع عن أوروبا، رغم أن حلف شمال الأطلسي لا يرى تهديداً عسكرياً روسيا وشيكاً له، وهو ما يجعل أعضاء فيه متمسكين بمعارضة فكرة إرسال قوات إلى أوكرانيا، رغم أن «الناتو» يعترف بحقها في ضرب أهداف داخل الأراضي الروسية.

وربما يكون في هذا الإقرار مزيد من الضغط على روسيا التي تسير مجريات الحرب في مصلحتها، وهو أمر تضيق به الولايات المتحدة وحلفاؤها وتعجز عن تغييره، ما حدا بالبيت الأبيض إلى التلويح بأن أمريكا قد تضطر إلى نشر المزيد من الأسلحة النووية الاستراتيجية في السنوات المقبلة لردع التهديدات المتزايدة من روسيا والصين وخصوم آخرين. ولم يتأخر الرد الروسي بإعلان الاستعداد للتعامل مع هذا الأمر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3us444wz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"