عادي
تحتاج إلى رقابة لتقييم محتواها وتحديد كلفها

اختبارات تحديد المستوى.. «إجحاف» برسوم غير مستردة

01:58 صباحا
قراءة 5 دقائق
حجز مقاعد في المدارس الخاصة مهمة ليست باليسيرة

تحقيق: محمد إبراهيم

في الوقت الذي انشغل فيه الطلبة، بامتحانات نهاية العام الدراسي الجاري 2023-2024، هناك شريحة كبيرة من أولياء الأمور تواصل مساعيها لحجز مقاعد دراسية لأبنائهم في المدارس الخاصة، للعام الدراسي المقبل 2024-2025، عقب إغلاق باب التسجيل في المدارس الحكومية.

ولعل أبرز ما رصدته «الخليج» في هذه الأيام، تلك المتعلقة بالتقاليع المجحفة التي تسمّى «اختبارات القبول» في المدارس الخاصة، أو اختبارات تحديد المستوى، كما أطلق عليها أولياء الأمور؛ إذ يرى أولياء أمور رسومها مجحفة، وتعدّها المدارس أحد مصادرها الربحية سنوياً، لاسيما أنها تعد بمعرفة المدرسة من أجل الطلبة الجدد بعيداً من أعين الرقابة، فلم تحظ بتقييم المحتوى أو تحديد الرسوم.

عدد من أولياء الأمور أكدوا أن تلك الاختبارات «بدعة»، فرضتها مدارس خاصة، لاسيما التي تتبع المناهج الأجنبية، لاستنزاف الأهالي عبر بوابة خلفية للتربّح؛ إذ إنها تثقل كواهلهم، لاسيما أن رسومها تراوح بين 600 - 1100 درهم للطالب الواحد، و«لا تسترد»، وتأتي أسئلتها «تعجيزية»، تفوق قدرات الطلبة، لإجبار ولي الأمر على إعادة الاختبار، مرة أخرى، وبرسوم جديدة.

ويرى عدد من التربويين أن إخضاع أطفال الروضة لاختبارات قبول أو تحديد مستوى، مصحوبة برسوم، أمر مبالغ فيه، يرفضه العقل ولا يزكيه المنطق، لاسيما أن تلك الفئة لم تنطلق في مسيرتها التعليمية بعد، معتبرين إياه إجراءً مجحفاً في بعض المدارس.

  • منع التلاعب

خبراء أكدوا أن الاختبارات بكل أنواعها، ينبغي أن تخضع لجهة رقابية، للاعتماد، لاسيما التي يتم عبرها قبول الطالب في المدرسة، فضلاً عن أهمية التأكد من ماهية تلك الاختبارات، وتوحيد رسومها حتى لا تتلاعب المدارس بأولياء الأمور، مع ضرورة تشكيل فرق متخصصة، لإزالة «ضبابية» إجراء تلك الاختبارات.

«الخليج» تناقش مع مجتمع التعليم بمختلف فئاته تلك الظاهرة، لعلنا نتعرف إلى صاحب المسؤولية عن تلك الاختبارات وماهيتها، ومدى اعتمادها من الجهات المعنية بالتعليم، ولماذا يخصص لها تلك الرسوم وبهذا الشكل؟ ومن صاحب إقرارها؟ ولماذا تتفاوت بين مدرسة وأخرى؟

  • مكوّنات ضبابية

البداية كانت مع أولياء الأمور إيهاب زيادة، ومحمد طه، وحمدان علي، وهبة عبد الله، إذ تنوعت رواياتهم مع اختبارات تحديد المستوى «القبول»، حيث يروي ولي إيهاب زيادة، الذي لديه 3 أبناء، يدرسون في الصفوف (الثالث والخامس والروضة)، أنه عندما تقدم لإحدى المدارس الخاصة في دبي، لتسجيل أبنائه للعام الدراسي الجديد، فرضت إدارة المدرسة على أبنائه اجتياز اختبار القبول «الإجباري»، وسداد 1500 درهم رسوم الاختبار، بواقع 500 درهم لكل منهم، للتأكد من تميز أبنائه علمياً.

وعقب أداء الاختبار الذي جاءت مكوناته وعناصره ضبابية، أبلغته إدارة المدرسة برسوب اثنين من أبنائه، ونجاح الثالث، الذي سيدرس في الروضة الأولى، ما اضطره إلى إعادة الامتحان، وبرسوم جديدة، ولكن من دون جدوى.

  • اختبارات بلا قيمة

اختبارات تحديد المستوى، التي استحدثتها إدارات المدارس، إجراء مجحف، ولا قيمة لها، لاسيما لأطفال مرحلة الرياض، الذين ليس لديهم دراية عن معنى الاختبار، وكيفية التعامل معه، هذا ما أكدته آراء أولياء الأمور، موضحين أن الرسوم التي تجمع من أولياء الأمور ليس لديها أي سند أو تعميم صريح، من أي جهة معنية تشرف على المدارس الخاصة في مختلف إمارات الدولة، لاسيما التي تتبع المناهج الأجنبية؛ إذ إن مدارس المنهاج الوزاري لم تفرض أي رسوم على اختبارات تحديد المستوى التي تعدها للطلبة.

وطالبوا بأهمية تشكيل فرق رقابية، لضبط أداء المدارس، خلال تسجيل الطلبة للعام الجديد، والإشراف على تلك الاختبارات، والتعرف إلى ماهيتها، ومدى أهميتها للطلبة، فضلاً عن النظر في رسومها، التي تأتي متفاوتة بين مدرسة وأخرى، ما يؤكد أنها نابعة من اجتهادات المدارس، وليس لها علاقة بالمنظومة التعليمية، ومساراتها وإجراءاتها، وإلا كانت موحدة في المدارس كافة.

  • احتياجات علمية

جمعنا أوراقنا والتقينا عدداً من إدارات المدارس، التي تتبع المناهج الأجنبية والوزارية، إذ أكد الدكتور فارس الجبور، وخلود فهمي، ووليد لافي، وسلمى عيد، أن إداراتهم تركز على قياس مستوى طلابها الجدد، باختبارات تلائم الطلبة في كل مرحلة دراسية، للتعرف إلى احتياجاتهم العلمية خلال الدراسة، فضلاً عن وضع الخطط العلاجية المناسبة لاحتياجات كل طالب.

ونفوا فرض رسوم على أولياء الأمور لهذا الاختبار، مؤكدين أنه إذا كانت هناك مدارس تلجأ إلى فرض رسوم على الآباء، فهذا بكل تأكيد يخالف القانون، ولا ينتمي إلى اللوائح، والغرض منه حصاد المزيد من الأرباح موضحين أنه إذا أخضعت هذه المدارس 500 طالب وطالبة لتلك الاختبارات، مقابل 500 درهم للطالب الواحد، هذا يعني أن المدرسة الواحدة سوف تحصد 250 ألف درهم في أقل من ساعة.

  • لجان رقابية

وأكدوا أهمية وجود لجنة رقابية لمتابعة عملية التسجيل واختبارات تحديد المستوى، التي تعدها المدارس، للاطمئنان على حق التعليم لجميع المتقدمين الجدد، ومن دون الضغط على أولياء الأمور.

وفي المقابل التقت «الخليج» عدداً من مديري المدارس، التي اعتادت فرض اختبارات القبول (تحديد المستوى) على الطلبة الجدد، مقابل رسوم متفاوتة 600، و800، و 1100 درهم للطالب الواحد، حيث أكد كل من «م.ه، ح.ع، س.ي، و.م، ج.ق» أهمية تلك الاختبارات، التي تساعد الإدارات المدرسية على اختيار الطلبة المتميزين، نظراً لسمعة مدارسهم وشهرتها، وجودة مخرجاتها، التي تعدّ رأسمالها الحقيقي، بحد تعبيرهم.

  • إعداد الاختبارات

وعن الرسوم التي تفرضها تلك المدارس على الطلبة الجدد، أكدوا أنها نظير كُلفة إعداد الاختبارات لطلبة جميع المراحل، وطباعتها، ولجان الامتحان، التي تتطلب توفير عناصر بشرية، ودواماً إضافياً لبعض الكوادر، التي تشرف على تلك الاختبارات، فضلاً عن القاعات المجهزة، لإجراء تلك الاختبارات، مؤكدين عدم أحقية ولي الأمر استرداد الرسوم مهما كانت نتيجة الاختبار لابنه.

وعن محتوى الاختبارات والأسئلة المبالغ في صعوبتها، أرجعوا الأمر إلى مستوى الطلبة المتدني، ما يشكل صعوبة لدى الكثيرين من الطلبة عند مواجهة اختبارات تحديد المستوى، ورأوه أمراً طبيعياً، لأن المنهاج يختلف من مدرسة إلى أخرى.

وفيما يخص اعتماد تلك الرسوم من الجهات المعنية من «الهيئات والمجالس التعليمية» المختصة، لم تقدم تلك الإدارات ما يفيد بأن هناك «اعتماداً رسمياً» لمحتوى تلك الاختبارات أو الرسوم المستحقة لها، وعدّوه شأناً داخلياً يخص المدرسة منفردة، ولا حاجة إلى موافقة الجهات المعنية.

  • أداة معتمدة

الخبيرة التربوية آمنة المازمي، ترى أن الاختبارات بمفهومها ومكوناتها وأنواعها، تحتاج دائماً إلى هيئة أو جهة رقابية، لفحص محتواها، ومدى ملاءمتها ومراعاتها لمستويات الطلبة العلمية. موضحة أن الرسوم التي تحصّلها المدارس من أولياء الأمور نظير اختبارات القبول أو تحديد المستوى، ما زالت ضبابية، وليس هناك أي نص صريح يعطي إداراتها حق فرض هذه الرسوم.

واقترحت تشكيل فرق رقابية، يكون شغلها الشاغل، الاطلاع على محتوى تلك الاختبارات، واعتمادها أداة لقياس مستوى الطلبة عند التسجيل الجديد في المدارس بمختلف مناهجها، فضلاً عن متابعة مدى أحقية المدارس في فرض رسوم على أولياء الأمور، نظير تلك الاختبارات، مؤكدة أن اعتماد الاختبارات ورسومها من الجهات المعنية أمر إلزامي قبل وصولها إلى الطلبة.

  • ردّ صريح

الجهات المعنية بالإشراف والمتابعة على المدارس الخاصة، لم تقدم رداً صريحاً عن أحقية المدارس في فرض رسوم لاختبارات القبول من عدمه، ولكن أكدت أن المدارس تلتزم بالإجراءات المتبعة لتسجيل الطلبة بها وقبولهم، بما يتوافق مع السياسية الداخلية للمدرسة، ولم تعقب على اختبارات قياس المستوى لطلبة الرياض، ومدى شرعية تحصيل الرسوم عليها.

  • سؤال عن التميّز

نتساءل في نهاية هذا التحقيق عن مصير الطلبة المتواضعي المستوى الدراسي، بعد أن فرضت معظم المدارس الخاصة شروطاً للتميز، تراها بأعينها ورؤيتها الخاصة، فأين تذهب تلك الفئة؟ وهل سنشهد في المستقبل مدارس خاصة لهم، كونهم فئة لا تقبلها المدارس المتميزة ولا الضعيفة؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/u3wwj89a

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"