تحديات التأمين الصحي لا تنتهي في ظل الجشع المتنامي عند إدارات بعض المنشآت الصحية الخاصة التي تضع نصب أعينها تحقيق أعلى مردود مادي شهرياً، من خلال اتباع أساليب متنوعة ومبتكرة لإلزام المريض أو المراجع الاستمرار في تلقي الخدمة التشخيصية أو العلاجية من المنشأة ذاتها دون غيرها، وفي هذا مصادرة لحقّ المريض في اتخاذ القرار بشأن اختيار المنشأة الصحية والطبيب الذي يرغب تلقي العلاج عنده وفقاً لما يراه مناسباً.
مريض راجع طبيب عظام في منشأة صحية خاصة، والطبيب طلب مجموعة من الفحوص للمريض لتشخيص حالته، على الرغم أن الحالة مشخّصة من قبل طبيب في مستشفى آخر يتبع مجموعة واحدة تدير عدة منشآت صحية، والمعلومات المتصلة بالحالة المرضية مسجلة في الملف الطبي الموحد مع التشخيص الدقيق والإجراء الطبي الذي اتبع خلال الفترة الماضية، وكل هذا لم يأخذ به طبيب العظام الأخصائي الذي طالب بإجراء فحوص من جديد.
حالة المريض وفقاً للتقرير الطبي في الملف الموحد يحتاج إلى عدة جلسات علاج طبيعي وفقاً لما توصل إليه الطبيب المعالج، وطلب المريض تقريراً طبياً حتى يراجع مركز العلاج الطبيعي الذي يراه مناسباً له للبدء في جلسات العلاج الطبيعي لوجود فني مختص في العلاج الطبيعي وتحديداً في الإصابة التي يعانيها، إلا أن الطبيب المعالج رفض إعطاء المريض تقريراً طبياً إلا بعد إجراء الفحوص التي يريدها الطبيب المعالج مؤكداً أنه إذا احتاج إلى جلسات علاج طبيعي لن يتم تحويله إلى مركز آخر غير قسم العلاج الطبيعي في المستشفى الذي يعمل فيه الطبيب المعالج.
هذه التصرفات غير المسؤولة تمارس من قبل إدارات بعض المنشآت الصحية الخاصة بإلزام المريض بصرف الدواء من قبل صيدليات المنشأة وذلك بعدم تسليم المريض نسخة من الوصفة الطبية والطلب منه مراجعة صيدلية المستشفى للحصول على الدواء، وكذلك الأمر في إجراء الفحوص الطبية والصور الإشعاعية وغيرها من الإجراءات الطبية، مما يحد من حرية المريض في اختيار المنشأة التي يراها مناسبة لاستكمال علاجه.
هل يحق لمثل هؤلاء الأطباء وإدارات بعض المنشآت الصحية إلزام مريض بمواصلة تلقي العلاج أو أي إجراء طبي آخر في منشأة صحية محددة دون غيرها، وهل يحق لها رفض طلب المريض بالحصول على تحويل إلى منشأة صحية أخرى يرغب المريض في مواصلة العلاج فيها؟ وكيف يتم التعامل مع مثل هذه الحالات من قبل الجهات المشرفة على المنشآت الصحية، وعلى تطبيق التأمين الصحي، في ظل وجود مثل هذه التجاوزات.
