عادي

محمد بن راشد في رائعة شعرية جديدة: عقالْ المِرجلِهْ «بو خالد»

22:14 مساء
قراءة 7 دقائق
محمد بن زايد ومحمد بن راشد

الشارقة: علاء الدين محمود
يضرب صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، موعداً جديداً مع عذب الكلام والألق الشعري في قصيدة تفيض بالمعاني العظيمة والدلالات العميقة، تلك التي تحمل عنوان «عقال المرجله»، التي خصصها في الثناء على شقيقه ورفيق دربه في خدمة الوطن صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تحمل بين ثناياها روح المحبة والعرفان والأخوة.
تعيد القصيدة للأذهان تلك القصائد الباذخات التي نظمها صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والتي تسكنها الحكمة وفيوض البلاغة والمعاني التي تتجول في النص الشعري، والمفردات الجزلة التي يتم تخيرها وانتقاؤها من أجل أن تليق بالمناسبة العظيمة والمتمثلة في مخاطبة أخ لأخيه، شقيق لشقيقه، رفيق لرفيقه، لذلك جاءت القصيدة، وهي تحمل معاني الرجولة وكيف تكون؟.
يستهل صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بأبيات هي خير استهلال، حيث المقدمة الشعرية المحتشدة بالدلالات والمعاني، والتي تفيض بالمشاعر وروح المحبة، ففي أبيات الاستهلال تلك، يشير سموّه إلى أن صاحب السموّ رئيس الدولة، حفظه الله، هو القائد الذي يلتف الجميع حوله، ويأتمرون بأمره، تماماً مثلما يلتف الحزام حول الجسد، وفي اللغة نجد أن تحزَّمَ الشَّخصُ؛ أي شدّ وسطه بالحزام، وتحزم للأمر؛ أي استعد له، وكل تلك دلالات رفيعة، تؤكد على القوة والمنعة والبسالة والشجاعة، فالرئيس القائد هو نعم الحزام الذي يحيط بشعبه؛ هو أمنه وحمايته، ويشكل له منعة من أي غدر أو عداء، فصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، هو عقال المرجلة؛ أي تاجها وغطاء رأسها الذي لا يسقط، والعقال هو لباس الرأس عند العرب، وهو ليس جزءاً من الزي العربي فقط، بل رمزاً للرجولة والأصالة، فسقوط العقال عند العرب يعني سقوطاً عظيماً للقيم، وذلك ما لا يسمح به الفارس العربي، وذلك نوع من التشبيه البلاغي الفخيم، حيث شبه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد هنا رئيس الدولة، حفظه الله، بالعقال الثابت الذي لا يطيح، حيث إن «بو خالد»، جمع من الصفات العظيمة أندرها دون العالمين، وقد ربح من راهن عليه، فهو القائد الذي يسير بأمته إلى الأمام، وهو الرائد الذي يعيي الأعداء بشكيمته وحكمته وقوة بأسه، حيث يقول سموّه في تلك الأبيات الاستهلالية:
إنتحزم بك ويا نعم الحزام
يا عقال المرجله لي ما يطيح
شيخ نادر بوخالد في الأنام
من عليك يراهن يكون الربيح
عشت قايد دوم سيرك للأمام
وعشت رايد كل مِنْ ضَدِّك طريح.
نهر عذب
ثم تنتقل القصيدة المسكونة بالجمال والمترعة بالألق، بكلماتها المرسلة كنهر عذب، إلى وصف أخلاق وشيم وقيم صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، فهو القائد والفارس الذي طابت أفعاله وأقواله، وكأن صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، هنا يستعيد قول الشاعر جميل صدقي الزهاوي، في قصيدته الشهيرة «ما في التوقف من سَلامِ»، عندما يقول في إحدى أبياتها:
أما الرجال فنجحها
فــــي فعلها لا فـــي الكَلام.
وكذا الحال بالنسبة لصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، فهو صاحب الأقوال القوية والأفعال الأكثر قوة وبأساّ، وهو القائد السياسي المختلف عن الساسة الذين يهتمون بالكلام، حيث إن «بو خالد»، هو صاحب المواقف الواضحة التي تشبه «الصبح الصريح»؛ أي شديد الوضوح، ويتواصل مدد الكلام العذب والبلاغة والتشبيهات القوية التي يضمنها صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في وعاء يحمل طيب الأمنيات بأن يبقى صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، ظلاً ظليلاً لشعبه، يجد في كنفه وتحت راية حكمه الأمن والأمان، فلا يتسرب إليه الخوف، وكيف يفعل و«بو خالد»، هو حاميه ومصدر قوته وبأسه فهو الملاذ وهو الحمى، حيث يجد الشعب تحت حكمه الراحة والحبور والسرور، فلا عجب أن تصبح الإمارات ضمن الدول التي تظلل السعادة شعبها، إذ إن «بو خالد»، هو الغيم الذي يحمل وعد المطر، الذي إذا انقطع صارت البلاد صحراء جرداء، لكن هيهات أن ينقطع، فهو غيث أينما وقع نفع، ولا شك في أن مفردات الغيم والغمام هنا تشير إلى الجود والكرم الذي انفرد به قادة الإمارات جيلاً بعد جيل، راية حملها صاحب السموّ رئيس الدولة، يمضي بها إلى الأمام، فهو الرمز والفارس الذي لا يسقط ولا يتسلل إليه الضعف، وهي المعاني التي عبر عنها صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بقوله «لا يرد ولا يشيخ»، ولعل أول ما يلفت نظر قارئ متن القصيدة، تلك التشبيهات والاستعارات التي تم توظيفها بطريقة تشعر بالقوة والمحبة في ذات الوقت، خاصة تكرار لفظ «عشت»، في أبيات متن القصيدة حيث يقول:
طابت أفعالك قبل طيب الكلام
قولك وفعلك صحيح في صحيح
في السياسة الناس تلعب بالكلام
وإنته واضح مثلما الصبح الصريح
دمت ظل لشعب في ظلك ينام
ما يخاف وتحت حكمك مستريح
وعشت غيم ويتبعه جود الغمام
يوم غيرك مثلما الصحرا شحيح
وعشت رمز مثل رايتنا همام
وعشت فارس لا يرد ولا يشيح.
خلاصة
ولئن بدأت القصيدة باستهلال مجيد، وانتقلت صوب متن يحمل عظيم المعاني، فإن الختام كان مسكاً ببيتين تجلت فيهما خلاصة القصيدة وزبدة معانيها وحكمتها، إذ تشير تلك الأبيات إلى أن الدولة وشعبها قد شعروا بالطمأنينة والأمن والمنعة، وتلك الابتسامة تعلو وجهك، وهي لحظة تذكرنا بقصيدة «أبو الطيب المتنبي»، الشهيرة التي تحمل عنوان: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم»، إذ يقول في أحد أبياتها:
تَمُرُّ بِكَ الأَبطالُ كَلمى هَزيمَةً
وَوَجهُكَ وَضّاحٌ وَثَغرُكَ باسِمُ
تَجاوَزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنُهى
إِلى قَولِ قَومٍ أَنتَ بِالغَيبِ عالِمُ.
وهذه الصورة الشعرية تقارب قصيدتنا، فكأن «بو خالد»، بابتسامته تلك، يقف موقف الشجاع الذي لا يعرف الضعف مهما كان حجم الأهوال والأقدار، فتلك ابتسامة تذلل المصاعب، ولأن القائد كذلك، فإن الشعب أيضاً يبتسم ويضحك، فما وفره له القائد «بو خالد»، لم يفعله رئيس آخر تجاه شعبه، خاصة تلك الدول التي تسكنها المشاكل، وتتجلى عظمة القصيدة ويظهر سحرها في البيت الأخير، حيث يظهر فيها صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الإعجاب والمحبة بصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، الذي لا يوجد مثيل له ولا صنو بين قادة الدول، فهو القائد الذي يعمل في صمت من أجل أمته وشعبه، ولا يرجو في سبيل ذلك مدحاً من أحد، فهو لا يحتاج إلى المدح، لأن ما يهمه هو أن يقوم بواجبه خير القيام، وتقول القصيدة في بيتي الختام:
شافت الدولة ع وجهك الابتسام
شعبها يضحك إذا غيره يصيح
إنته إنته وقول عَ الدنيا السلام
تشتغل في صمت ما تبغي مديح

قائد لا يتكرر

في إطلالة شعرية جديدة يقدّم صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، قصيدة رائعة في حق أخيه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، حيث يعكس النص حب مواطني الإمارات له، لما يمثله لهم من رمزية لعظمة الدولة ونهضتها وارتقائها إلى مصاف الدول الرائدة في التقدم الحضاري والأمن والاستقرار.
حملت القصيدة عنوان «عقال المرجلهْ (بوخالد)»، وهي عتبة تشي بما يمثله قائد الدولة، من فخر لمواطنيها، ويبدأ الشاعر مباشرة الدخول في صلب النص بتأكيد ذلك الفخر، إذ يقول: «إنتحزم بك ويا نعم الحزام»، فصاحب السموّ رئيس الدولة هو صمام أمان مواطنيه، الذين يحملونه في قلوبهم ويحيطهم هو بكل اهتمام وأمان، ثم يضيف: «يا عقال المرجلهْ لي ما يطيح»، فهو إن كان صمام أمانهم، يمثل أعلى مراتب فخرهم أيضا، لأن «عقال المرجله» هو عقال الفخر لما يمثله من سمو ورجولة، ويسترسل في ذكر مناقبه الحميدة التي تجعله يقول فيه مثل هذا الشعر الجميل، وعلى رأسها ندرة أمثاله من الشيوخ في زمننا: «شيخ نادر بوخالد في الأنام» فلذلك لا يراهن عليه إنسان إلا وربح: «من عليك يراهن يكون الربيح»، لأنه لا يخذل من اختار كنفه مأمناً ومستجاراً وظلّاً وارفاً من النعماء ورغد العيش.
وليبرز طبيعة الشخصية التي أهلت «بوخالد» إلى هذا النجاح والقبول، يشير صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد إلى أن مرد ذلك هو كون سموِّه عاش كل حياته مستشعراً روح القيادة: «عشت قايد دوم سيرك للأمام»، وداوم سيره على ذلك المنوال، فكان رائداً في كل الميادين التي خاضها، «وعشت رايد كل مِنْ ضَدّك طريح»، إلا أن تلك الريادة لم يحققها إلا بطيبة سريرته، التي تجلّت في أفعاله وكلامه، «طابت أفعالك قبل طيب الكلام»، فكانت أفعاله توافق أقواله: «قولك وفعلك صحيح في صحيح» وهي خصلة من خصال الصدق مع الذات ومع الآخرين، لا يتصف بها إلا الشجاع الذي لا يخاف في الله لومة لائم، وهذا ما جعله صريحاً في موافقه السياسة، حيث يجهر بها ويبديها دون مواربة ولا لفٍّ ولا دوران، عكس ما يقوم به الكثير من السياسيين: «في السياسة الناس تلعب بالكلام / وإنته واضح مثلما الصبح الصريح».
ثم يبدأ صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد بعد ذلك بالدعاء من أجل (بوخالد): فيدعو الله أن يديمه ظلاً وكنفاً لشعبه: «دمت ظل لشعب في ظلك ينام»، فهو يعيش في حكمه الأمان والرخاء والهناء: «ما يخاف وتحت حكمك مستريح»، ويدعو الله كذلك أن يديم جوده، فهو غيمة ما سحّت على أرض إلا وأنبتت خيراً عميماً: «وعشت غيم ويتبعه جود الغمام»، وخاصة حين تحتاج تلك الأرض فيبخل الآخرون كما تبخل غيوم الصحراء بغيثها: «يوم غيرك مثلما الصحرا شحيح»، ثم يواصل دعاءه: «وعشت رمز مثل رايتنا همام»، رابطاً رمزية صاحب السموّ رئيس الدولة برمزية العلم الوطني بما يمثله من دلالة على السيادة الوطنية، والوحدة التي تجمع شعب الدولة بأكمله، وهو ما استحقه بفضل صفات النبل والفروسية التي يتسم بها: «وعشت فارس لا يرد ولا يشيح».
لقد مثلت صفات صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد مصدر إلهام لشعبه بأكمله، وليس لصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد الذي يقول فيه هذا الشعر، وذلك ما يبرزه حين يقول: «شافت الدولة ع وجهك الإبتسام» فالابتسام الدائم لصاحب السمو رئيس الدولة، هو ابتسام الحال لشعبه ووطنه المزدهر في عهده، والذي حباه الله بالأمن وجنبه الأزمات التي تقض مضاجع الكثيرين في مختلف بقاع العالم: «شعبها يضحك إذا غيره يصيح»، ويختم القصيدة بالتأكيد على عظم شأن «بوخالد»، فيقول له: «إنته إنته وقول ع الدنيا السلام»، فهو قائد لا يتكرّر في الدنيا، ورغم كل ما يقوم به من جهد في سبيل نماء وإزهار وأمن وطنه، إلا أنه لا يريد من أحد أن يمدحه لأنه يعتبر ذلك واجباً من أجل الوطن والقيم الإنسانية السامية: «تشتغل في صمت ما تبغي مديح».
وقد اتسمت القصيدة بسلاسة معهودة في أشعار صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، لأنها تصور ما يستحقه «بوخالد» على ما قدّمه ويقدّمه لوطنه وشعبه، ولكل من تحتضنهم هذه الأرض المعطاء، ولذلك كانت تتجه إلى قلب المتلقي بشحناتها العاطفية الصادقة، لأن صدقها مشهود في ربوع البلاد أينما اتجه الناظر.

الصورة
محمد بن راشد
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3jc9v3st

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"