عمّال الأرض

العمل والبيئة وإعادة الإنتاج في عصر تغير المناخ
01:33 صباحا
ترجمة وعرض:
نضال إبراهيم
قراءة 5 دقائق
تظاهرة عمالية في ألمانيا
تظاهرة عمالية في ألمانيا

عن المؤلف

الصورة
ستيفانيا باركا
ستيفانيا باركا
ستيفانيا باركا مؤرخة بيئية وعالمة بيئة سياسية نسوية. وهي مؤلفة لكتب أخرى عن التاريخ البيئي.

الرأسمالية تهدّد كوكبنا، ويبدو أنّ العدالة البيئية لا تتحقق إلا بنضال الطبقة العاملة. تكشف ستيفانيا باركا في هذا الكتاب عن الدور المحوري للعمال كفاعلين بيئيين، مشيرة إلى أن النضال ضد تغير المناخ هو في جوهره نضال ضد الرأسمالية.

1

تستكشف ستيفانيا باركا في كتابها «عمّال الأرض» الأدوار المتشابكة للعمل والبيئة ضمن السرد الأوسع لتغير المناخ والرأسمالية. تستخدم المؤلفة النهج الإيكوفيميني (البيئي-النسوي) بشكل ملحوظ لكيفية توسيعه لتعريف العمل خارج الحدود التقليدية. تشير إلى أنه يجب النظر إلى كل من العمل المأجور وغير المأجور، من النطاقات الصناعية إلى المحلية، لفهم ومكافحة الأزمات البيئية بشكل كامل. تجد أن هذه الرؤية تعمل على سد الفجوة بين الحركات البيئية والعمالية.

يعتبر الكتاب رائداً في معالجته للعمال ليس فقط كضحايا للتدهور البيئي، ولكن كفاعلين محوريين في السرد البيئي. تتجاوز تحليلات المؤلفة الثنائية البسيطة للإنتاج وإعادة الإنتاج لاستكشاف كيفية ترابط هذه العناصر بعمق مع استغلال الرأسمالية وتدمير البيئة. تقول المؤلفة: «العمل والطبقة العاملة هما مفهومان نادراً ما يتم تناولهما في الأبحاث والخطابات البيئية. لكن هل يعني ذلك أنهما لا علاقة لهما بفهمنا للأزمة الكوكبية الحالية؟ لطالما تم اعتبار العمل والبيئة واقعين متعارضين؛ ومع ذلك، نعرف القليل عن علاقتهما، سواء كانت قديماً أو في الوقت الحاضر».

العمل والبيئة في عصر التسارع الكبير

يقدم هذا الكتاب استناداً إلى الأبحاث في التاريخ البيئي والبيئة السياسية، سرداً غير تقليدي للتغير البيئي، حيث يعتبر العمل ذا أهمية. يساهم الكتاب في توسيع فهمنا لهذه العلاقة من خلال النظر في كيفية تأثير العمل المأجور وغير المأجور، بالإضافة إلى المنظمات والحركات على التغير البيئي والمناخي، وكيفية التفاعل معه. يتناول الكتاب العلاقة بين العمل والبيئة على مدى العقود الستة الماضية، وهي فترة أطلق عليها علماء نظام الأرض اسم «التسارع الكبير» الذي تميز بتدهور غير مسبوق في أنظمة الأرض بسبب النمو الاقتصادي المتسارع على المستوى العالمي.

استناداً إلى تعاون بين العلوم الطبيعية والأبحاث التاريخية، تم تحديد عصر «التسارع الكبير» لأول مرة في عام 2004 وتم تحديثه في عام 2015، ولا يزال حتى الآن يشكّل سرداً تاريخياً مؤثراً للغاية للأزمة الكوكبية. تعلق الكاتبة على ذلك قائلة: «كان هدفه هو (التقاط الطبيعة الشاملة والمترابطة) للتغيرات التي حدثت بعد عام 1950 في علاقات الإنسانية مع الأرض. لتحقيق ذلك، تم اختيار اثني عشر مؤشراً اجتماعياً واقتصادياً لتمثيل الملامح الرئيسية للمجتمع المعاصر: السكان، الناتج المحلي الإجمالي، التمويل الدولي، التحضر، الطاقة، استخدام الأسمدة والمياه، السدود الكبيرة، إنتاج الورق، النقل، الاتصالات السلكية واللاسلكية، والسياحة الدولية. تم ربط هذه المؤشرات باثني عشر مؤشراً لتغير نظام الأرض: تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، أكسيد النيتروز، والميثان؛ فقدان الأوزون في الستراتوسفير؛ درجة حرارة السطح؛ تحمض المحيطات؛ صيد الأسماك البحرية واستزراع الجمبري؛ تدفق النيتروجين إلى المناطق الساحلية؛ فقدان الغابات الاستوائية؛ تدهور الأراضي المحصودة والنظم البيئية الأرضية».

وتضيف: «التسارع الكبير هو صورة موثقة جيداً، لكنها غير مكتملة للعقود الستة الماضية. ففي حين أنه مفيد في إبراز قدرة بعض التقنيات الصناعية والتجارة العالمية والتمويل على تهديد الأرض، فإنه لا يمثل بشكل كاف عمال العالم، وعلى الرغم من أن العمال، مثل جميع البشر، هم جزء من الطبيعة بوضوح، إلا أن تجربتهم مع التغير البيئي والمناخي ليست مذكورة في سردية التسارع الكبير».

ترى الكاتبة أن التقاطع بين العمل الصناعي والبيئة، كما تجلى من خلال المخاطر الصحية المهنية والعامة، أصبح واضحاً لها لأول مرة قبل عقد من الزمان، أثناء مشاهدتها لوثائقي على التلفزيون الإيطالي مخصص للعمال الذين يعانون أمراضاً خطيرة مرتبطة بتطوير الكيمياء العضوية دون ضوابط. وشملت القصة نيقولا لوفيكيو (1947-1997)، عامل من مانفريدونيا، أبوليا، الذي بدأ بتعبئة كبيرة للعمال للاعتراف بالأضرار الصحية الخطيرة التي تعرضوا لها من عملهم وللحصول على تعويض. اكتشفت الكاتبة بعد ذلك أن حادثة كيميائية قد وقعت في مصنع أنيك بمانفريدونيا (الذي أصبح لاحقاً إينيكيم) في سبتمبر 1976، بعد بضعة أشهر فقط من حادث سيفيسو (يوليو 1976)، مع عواقب كارثية مماثلة للمجتمع المحلي والمنطقة.

هيكلية الكتاب

يتكون الكتاب من جزأين الأول بعنوان «التاريخ»، ويأتي في أربع فصول هي: العمل على الأرض، حيث يغوص هذا الفصل في العلاقة التاريخية بين العمل والبيئة، مع التركيز على كيفية تفاعل أشكال العمل المختلفة مع الأرض وتحويلها. ويناقش الفصل العمل في مجالات الزراعة والتعدين والبناء، مع التأكيد على كيفية تشكيل هذه الأنشطة للمناظر الطبيعية والنظم البيئية. ويأتي الفصل الثاني بعنوان «الخبز والسم» لاستكشاف الدور المزدوج لصناعة الزراعة في دعم الحياة من خلال إنتاج الغذاء وتأثيراتها الضارة، مثل استخدام المبيدات والممارسات الأخرى التي تؤدي إلى تدهور التربة وفقدان التنوع البيولوجي. ويعاين الفصل الثالث بعنوان «رفض الأعمال المحلية النووية» صناعة الطاقة النووية وتأثيراتها على العمل والمجتمعات، مع التركيز على النشاط الاحتجاجي ضد منشآت الطاقة النووية. ويركز الفصل الرابع «العناية بالأمازون» على غابات الأمازون المطيرة، ويناقش الفصل العمل المتضمن في الحفاظ على هذه المنطقة البيئية الحساسة، بما في ذلك أدوار الجماعات الأصلية والمجتمعات المحلية، النشطاء البيئيين، والسياسات الحكومية.

ويتكون الجزء الثاني من الكتاب بعنوان «البيئة السياسية» من ثلاثة فصول هي: «تخضير العمل»، حيث يناقش المبادرات والحركات نحو جعل بيئات العمل أكثر استدامة وأقل ضرراً للكوكب. ويشمل أمثلة على الوظائف الخضراء والممارسات التي تقلل البصمات البيئية. ويتضمن الفصل التالي بعنوان «العمل والأزمة البيئية» مناقشات حول كيفية ربط الصناعات التي ترتبط بأضرار بيئية كبيرة مع كيفية تأثر العمال والاستجابة للاضطرابات البيئية. ويعاين الفصل الأخير «أعمال التقلص» مفهوم التقلص، وهو مسار مقترح نحو الاستدامة يتضمن تقليل الاستهلاك والإنتاج، ويستكشف كيف يؤثر هذا النهج في أسواق العمل وممارسات العمل والهياكل الاقتصادية.

وتأتي خاتمة الكتاب تحت عنوان «العمل الرعائي في الانتقال ما بعد الكربون» لتتخيل مستقبلاً حيث يلعب العمل، وخاصة العمل الرعائي، دوراً حاسماً في الانتقال إلى اقتصاد ما بعد الكربون. ويناقش كيف يمكن أن يؤدي إعادة تقييم العمل الرعائي إلى إنشاء أنظمة اجتماعية واقتصادية أكثر استدامة وعدالة، مع التأكيد على الترابط بين صحة الإنسان والبيئة.

يعد كتاب «عمال الأرض» معاينة شاملة للتقاطعات بين العمل، العدالة البيئية، والاستدامة البيئية، مع الاستناد إلى الرؤية التاريخية والتوقعات المستقبلية. يشكل هذا العمل قراءة مهمة لأي شخص مهتم بفهم الطبقات المعقدة لتغير المناخ، العدالة البيئية، والعمل، وتدعو فيه المؤلفة إلى إعادة تقييم كيفية نظرنا إلى الطبقة العاملة في عصر تغير المناخ.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن المترجم

نضال إبراهيم
https://tinyurl.com/yc2e2mrb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"

المزيد من الكتب والكتاب

1
آدم تشابنيك وآسا مكيرشر
1
ريتشارد يونغس
1
جوشوا فيراسامي
خلال قمة أوروبية سابقة
مارك ساكليبن
1
تياجو فرنانديز
1
بول هانزبري