عادي

الاكتشافات الأثرية.. نقوش الحضارات المتعاقبة على أرض الإمارات

18:21 مساء
قراءة 3 دقائق
الاكتشافات الأثرية.. نقوش الحضارات المتعاقبة على أرض الإمارات
الاكتشافات الأثرية.. نقوش الحضارات المتعاقبة على أرض الإمارات

سجلت الإمارات خلال العام الجاري مجموعة من الاكتشافات الأثرية المهمة التي شكلت إضافة نوعية إلى الدلائل المادية الملموسة حول ما شهدته الدولة من تعاقب للحضارات العريقة على أرضها عبر التاريخ.

وتسهم مجموعة الاكتشافات المعلن عنها في تكوين صورة أوضح وأكمل عن تاريخ أرض الإمارات خلال العصور القديمة، وطبيعة العادات والتقاليد والعلاقات الإنسانية لسكانها وكيفية تعاملهم مع مختلف موارد الطبيعة المحلية وتسخيرها لمصلحتهم.

وفي 25 يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت حكومة الفجيرة، بالتعاون مع فريق دولي من الباحثين من دائرة السياحة والآثار في الإمارة وجامعتي «يينا» الألمانية، و«أكسفورد بروكس» في المملكة المتحدة، اكتشاف أدلة جديدة تشير إلى وجود بشري قديم يعود لعصور ما قبل التاريخ في الفجيرة.

وأثبتت النتائج الجديدة، أن المجموعات البشرية المتنقلة اتخذت من الملجأ الصخري في جبل كهف الدور الواقع بمنطقة حبحب موطناً لها على نحو متكرر منذ نحو 13 ألفاً إلى 7500 عام. وقبل الاكتشاف، شاع الاعتقاد بأن منطقة جنوب شرق الجزيرة العربية كانت غير مأهولة بالسكان منذ نحو 38000 عام عندما سادتها الظروف المناخية الجافة، إلى أن أصبح مناخها أكثر رطوبة قبل نحو 7000 عام.

ويجسد الاكتشاف التراث التاريخي الغني للفجيرة، إذ كشفت التنقيبات الأثرية التجريبية في الملجأ الصخري بجبل كهف الدور عن ثلاث طبقات تحتوي على أدوات حجرية وعظام حيوانات ومواقد. وأشارت عملية التأريخ بالكربون المشع للفحم المأخوذ من هذه المواقد إلى أن الموقع كان مأهولاً مرات عدة منذ نحو 13000 إلى 7500 عام، ما يجعل هذا الملجأ الصخري أقدم موقع أثري في الإمارة.

  • ثقافة العصر البرونزي

أعلنت دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، في يناير/ كانون الثاني الماضي، عن أحدث اكتشافاتها في جزيرة ساس النخل، التي تسلط الضوء على ثقافة العصر البرونزي في منطقة «أم النار» في أبوظبي، التي كانت سائدة في الحقبة الزمنية ما بين 2700 - 2000 قبل الميلاد. وبعد مرور نحو 65 عاماً على إجراء التنقيبات الأثرية الأولى في أبوظبي بهذا الموقع، بدأت عمليات التنقيب الجديدة في ساس النخل، وتتضمن أيضاً أعمالاً بأماكن مختلفة في جميع أنحاء الإمارة، بما في ذلك مواقع التراث العالمي التابعة ل«اليونسكو» في العين.

وتضمنت اللُّقى المكتشفة مجموعة محفوظة بشكل جيد تضم أكثر من 30.000 عظمة تسمح بمعرفة المزيد من المعلومات حول النظام الغذائي الذي كان سائداً في العصر البرونزي.

ووجدت عظام بعض الحيوانات الكبيرة حول مدفأة دائرية كبيرة ما يشير غالباً إلى ممارسة أنشطة جماعية أو احتفالية، أو إلى أنّ هذا المكان كان مخصّصاً لتجمّع الناس من أجل تناول الطعام. وشملت الاكتشافات الحجرية الرّحى والأحجار المصقولة والفؤوس والخرز، ووعاء من الحجر الناعم، بالإضافة إلى أقراص حجرية دائرية مثقوبة كانت تستخدم لتثقيل شباك الصيد، بينما تضمنت اللُّقى النحاسية مطرقة صغيرة أو إزميلاً وخطافات صيد.

وعثر خلال عمليات التنقيب الأخيرة على عدد كبير من الأواني الفخارية المستوردة من مناطق بعيدة، مثل بلاد ما بين النهرين القديمة وحضارة وادي السند، ما يؤكّد الدور المحوري للجزيرة في التجارة التي كانت سائدة بين المناطق البعيدة آنذاك.

وجرى مطابقة البيتومين «القار» الموجود في الموقع مع مصادر في بلاد ما بين النهرين القديمة، إذ استخدم في صناعة الفخار المقاوم للماء بالإضافة إلى حفرة تخزين مبطنة بالطين. وتشير الآثار على الحبال والأخشاب إلى استخدام القار في العزل المائي لهياكل القوارب من العصر البرونزي، ما يشكّل دليلاً على ازدهار الملاحة البحرية لفترات زمنية طويلة. كذلك، تشير هذه الاكتشافات المهمّة إلى أن جزيرة ساس النخل كانت ميناءً بحرياً مزدهراً خلال الفترة من 2800 إلى 2200 قبل الميلاد.

  • مسكوكات رومانية

كشفت دائرة السياحة والآثار بأم القيوين خلال أعمال التنقيب النظامية في موقع تل أبرق الأثري بالإمارة، وبالتعاون مع البعثة الإيطالية، عن مجموعة من المسكوكات الذهبية الرومانية، وهي محاكاة لعملات أصلية معروفة باسم «أوري» يعود تاريخها إلى فترة ازدهار موقع الدور الأثري خلال القرن الأول الميلادي. وعثر على هذه العملات الذهبية التي تحمل صورة الإمبراطور الروماني «تيبيريوس»، الذي حكم الإمبراطورية الرومانية في الفترة من 14 م إلى 37 م، داخل جرة صغيرة من الفخار، إضافة إلى مجموعة أخرى من العملات البرونزية مستوحاة من العملة المعروفة باسم «أبيل» التي سُكت محلياً وأيضاً سوار من البرونز.

وتولي الإمارات أهمية كبيرة للمواقع الأثرية والمعالم التاريخية، باعتبارها تجسيداً لذاكرة الشعوب والمجتمعات، وعكست الاكتشافات الأثرية التي شهدتها الدولة خلال الفترة الماضية، والتي تعود إلى آلاف السنين، طبيعة الحضارات التي توافدت عليها منذ عصور قديمة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2kyk3c6y

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"