تلعب اليابان دوراً محورياً في تعزيز الاستقرار الإقليمي بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث عززت منذ نهاية الحرب الباردة سياساتها الدفاعية من خلال توسيع تحالفاتها وزيادة قدراتها العسكرية
يقدم كتاب «انخراط اليابان الدفاعي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ: الردع، الشراكة الاستراتيجية، وبناء النظام المستقر» للكاتبة ناناي بالداف، دراسة مفصلة عن استراتيجية الدفاع المتطورة لليابان منذ نهاية الحرب الباردة. يعد هذا العمل الصادر عن دار سبرينجر في 17 يوليو/تموز 2024، إضافة مهمة للخطاب المتعلق بالأمن الدولي والديناميكيات الجيوسياسية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وتقدم بالداف تحليلاً شاملاً لانخراط اليابان الدفاعي من خلال ثلاثة أنشطة رئيسية: التدريبات العسكرية، بناء القدرات، ونقل المعدات الدفاعية والتعاون التكنولوجي. تعاين المؤلفة هذه الأنشطة في سياق أهداف الأمن الوطني لليابان، والتي تشمل الردع، والأمن التعاوني، ورؤية منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة.
ويرتكز الكتاب على سؤالين بحثيين محوريين: لماذا تنخرط اليابان في الدفاع مع شركائها الاستراتيجيين؟ وما هي الأهداف التي تسعى قوات الدفاع الذاتي اليابانية إلى تحقيقها؟
من خلال عشر دراسات حالة تشمل شركاء استراتيجيين مثل أستراليا، والهند، وإندونيسيا، وفيتنام، والفلبين، ورابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان)، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، والاتحاد الأوروبي، وتتبع بالداوف منهجية مقارنة منظمة عبر الحالات. لا يوضح هذا النهج تفاصيل سياسات الدفاع اليابانية فقط؛ بل يبرز أيضاً الدوافع الاستراتيجية وراء هذه الارتباطات.
ويجادل الكتاب بأن تحالف اليابان مع الولايات المتحدة لا يزال الأكثر أهمية، إلا أن الشراكات الاستراتيجية لليابان تمثل أداة قيمة للردع تسهم في تحقيق أهداف الأمن الوطني لليابان. لتحقيق هذه الأهداف بفاعلية أكبر وبالتالي تأمين المصلحة الوطنية، يجب على اليابان أن تسعى إلى انخراط دفاعي هادف. يلقي الكتاب الضوء على أغراض الانخراط الدفاعي لليابان باعتبارها المكون المفقود في الدفاع عن المصلحة الوطنية.
ويضم الكتاب ثمانية فصول تتناول مختلف جوانب انخراط اليابان الدفاعي، بدءاً من المقدمة التي تستعرض نظرة عامة على الأهداف الرئيسية والتحليلات المفاهيمية. وتقدّم المؤلفة في الفصل الثاني، إطاراً للدراسة يتم من خلاله تحليل الانخراط الدفاعي الياباني. هذا الإطار يسهم في توفير منهجية علمية لتحليل الأنشطة الدفاعية.
ويتناول الكتاب في الفصل الثالث، تطور سياسة الدفاع اليابانية بعد الحرب، مسلطاً الضوء على التحولات والقرارات السياسية التي شكلت النهج الحالي لليابان في مجال الدفاع. ويعد هذا السياق التاريخي ضرورياً لفهم الديناميكيات الراهنة ومواقف اليابان الاستراتيجية.
ويناقش الفصل الرابع والخامس العلاقات بين اليابان وكل من أستراليا والهند، موضحاً كيف تطورت هذه العلاقات من شراكات بعيدة إلى شراكات أعمق، وكيف تأثرت هذه العلاقات بصعود الصين بصفتها قوة إقليمية. يقدم الفصل السادس نظرة على التعاون بين اليابان ودول جنوب شرق آسيا، مركّزاً على بناء عادات التعاون والتكامل الإقليمي.
ويركز الفصل السابع على العلاقات بين اليابان وأوروبا، مسلطاً الضوء على أهمية التعاون الأمني والدفاعي بين الجانبين في ظل التحديات العالمية المتزايدة. يُختتم الكتاب بخلاصة شاملة للتحليلات والأفكار المقدمة، مع توصيات لسياسات مستقبلية من شأنها تعزيز الأمن الوطني الياباني. ويمكن القول إن هذا العمل البحثي يشكل مرجعاً لفهم كيفية توازن اليابان بين تعزيز الاستقرار الإقليمي وتعزيز أجندتها الأمنية في عالم متعدد الأقطاب بشكل متزايد.
