ضربة لحكومة الفخفاخ

03:19 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

أعاد التفجير الإرهابي الذي وقع في تونس على مقربة من السفارة الأمريكية، قضية الإرهاب وتهديداته إلى سطح الأحداث في البلاد. وجاء الاعتداء الجبان غادراً، مسجلاً اختراقاً محدوداً لحالة اليقظة الأمنية المشددة. وبقدر ما أثار من مخاوف وهواجس، فقد أثبت الحادث قوة أجهزة الدولة وتصميمها على ملاحقة المتطرفين والتصدي لهم، على الرغم من أن القضاء التام على هذه الظاهرة الشيطانية رهان عالمي تنخرط فيه تونس أسوة ببقية المجتمع الدولي.
ومثلما هو معلوم، فقد أسفر الاعتداء عن استشهاد ضابط أمن، وإصابة أربعة آخرين، ومصرع الانتحاريين. وحسب التحقيقات الأولية، لم يكن الإرهابيان يستهدفان السفارة الأمريكية المحصنة تحصيناً كبيراً؛ شأنها شأن كل المؤسسات الحيوية في العاصمة؛ بل كان الهدف ضرب الوحدات الأمنية القريبة في تلك المنطقة الراقية.
ومن هنا يأتي الهدف السياسي للعملية التي تأتي بعد أيام من تسلم حكومة إلياس الفخفاخ مهامها، بعد أشهر من الصراعات والسجالات البرلمانية العبثية، كما تزامنت مع انعقاد أول مجلس للوزراء يرأسه رئيس الجمهورية قيس سعيّد، منذ دخوله قصر قرطاج في أكتوبر الماضي. بناء على ذلك، فإن الجهة التي خططت ودبرت ونفذت الاعتداء، كانت تريد أن تضرب الوضع السياسي الجديد، وربما تفجر لغماً كبيراً في طريق الحكومة بما يعطل تعهداتها وخططها المعلنة.
وبصورة أوضح، يبدو أن التفجير الإرهابي كان ضربة أمنية تستهدف حكومة الفخفاخ مباشرة، وسبقته معارك بين نواب البرلمان، ووصل الأمر بأحدهم إلى تكفير إحدى زميلاته، بينما أقر آخر بأنه كان محامياً لأحد الإرهابيين اللذين فجرا نفسيهما عند الدورية الأمنية.
ومن الواضح أيضاً أن هذا الجو السياسي المشحون، وانعدام التجربة والإيمان بالدولة ونواميسها لدى أغلب السياسيين الجدد، يطبع المرحلة الراهنة. وإذا لم تهدأ هذه الأجواء ويعي اللاعبون داخلها ما يقولون ويفعلون، ستكون حاضنة لخطابات متطرفة، ومعارك تستنزف الدولة وتستنفد صبر الشعب.
منذ إطاحة نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، توالت التفجيرات الإرهابية في تونس، ومازالت تهديداتها مستمرة. ومن المفارقة أن من جاؤوا بعد ثورة 2011، يتهمون ابن علي بأن سياساته هي التي شجعت على الإرهاب، بحجة أنه كان «يقمع الإسلاميين وجميع معارضيه»، وعندما أصبح هؤلاء فاعلين واعتلوا سدة السلطة، وأصبحوا شركاء فيها، تعاظم الخطر الإرهابي بصورة لم تعرفها تونس من قبل، في وقت لعب فيه «خطاب المظلومية» دوراً كبيراً في استقطاب المتطرفين. وقبل سنوات كان هناك من يدافع عن الأفكار المتطرفة باعتبارها «حرية رأي»، على الرغم من سعيها المفضوح إلى نسف المسار الديمقراطي وتقويض مقومات الدولة .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"