رفات قتيل.. سلاح نتنياهو الأخير

03:51 صباحا
قراءة 3 دقائق
عاصم عبدالخالق

قبل يوم واحد من زيارة رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو إلى موسكو الأسبوع الماضي، نشر الصحفي «الإسرائيلي» تشيفي شاليف مقالاً في «هآرتس» قال فيه إن نتنياهو لا يمكن أن يزور روسيا قبل خمسة أيام فقط من الانتخابات، إلا لأحد سببين: إما وجود أزمة أمنية خطيرة تتعلق بالجبهة السورية، وإما رغبته في استثمار الزيارة في معركته الانتخابية.
مساء نفس اليوم الذي شهد قمته مع الرئيس فلاديمير بوتين، كان من الواضح أي السببين اللذين تحدث عنهما شاليف، هو ما دفع نتنياهو لشد الرحال إلى روسيا. فلم تتمخض القمة عن نتائج مهمة، اللهم إلا استعادة رفات جندي «إسرائيلي» قتل في لبنان عام 1982، وعثرت عليها القوات الروسية في سوريا.
بوتين الذي لا يقدم هدايا مجانية، يعرف بطبيعة الحال أن اللقاء ليس أكثر من فرصة سعى إليها نتنياهو لتوظيفها في معركته الانتخابية، تماماً كما فعل باجتماعه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن قبل أسبوع من قمة موسكو. ومع ذلك فإن بوتين لا يجد غضاضة في ذلك، طالما يستفيد هو الآخر من علاقته بنتنياهو. يعي الرئيس الروسي أهمية توطيد علاقته مع «إسرائيل» لأسباب اقتصادية وسياسية وأمنية. وكانت الحرب في سوريا أحد العوامل المهمة التي دفعت الجانبين للتقارب أكثر من أي وقت مضى.
وبفضل العلاقات الطيبة مع «إسرائيل»، يستطيع بوتين أن يجد الكثير من الأصدقاء في أمريكا وأوروبا. ومن خلال هذه العلاقات أيضاً، تعزز روسيا وجودها ونفوذها في الشرق الأوسط، لاسيما في ظل التعاون المتنامي مع تركيا والتحالف التقليدي مع إيران.
ولا ينسى بوتين أن نتنياهو منح الشرعية للوجود العسكري الروسي في سوريا، أو على الأقل لم يعارضه. كما أنه تقبل بهدوء قرار الانسحاب الأمريكي، ولم يحاول استغلال اللوبي «الإسرائيلي» في واشنطن لإشعال معركة ضده، على غرار ما فعل بشأن الاتفاق النووي مع إيران. ولن يضير بوتين بعد ذلك تسليم رفات قتيل أو التقاط صورة تذكارية مع نتنياهو يحتاجها الأخير لتعزيز موقفه في الانتخابات.
من جانبه، اعتبر نتنياهو أن اللقاء مع بوتين يضمن له استقطاب تعاطف وتأييد المهاجرين من بلدان الاتحاد السوفييتي السابق، والذين يشكلون مع نسلهم من الجيلين الثاني والثالث أكبر كتلة تصويتية يهودية في «إسرائيل». وبوسعهم وحدهم ضمان 18 مقعداً في الكنيست، وهو رقم يكفي لترجيح كفة أي حزب. وعادة يصوت هؤلاء لليمين، ومرشحهم المفضل هو السياسي المتطرف أفيجدور ليبرمان وحزبه «إسرائيل بيتنا».
ويعرف نتنياهو جيداً أن هؤلاء يُكُنِّون إعجاباً كبيراً بشخصية بوتين، وهو ما يدعوه للتقارب معه، ومع ذلك كما يقول شاليف فإن انتزاع أصواتهم يمكن أن يضر بفرص ليبرمان، حليفه القديم، رغم اختلافهما حديثاً. وإذا فشل في دخول الكنيست، فإن فرص نتنياهو تتضاءل في العثور على حلفاء كافين لتشكيل حكومة ائتلافية.
ثمة مشكلة أخرى هي حزب «اليمين الجديد» بزعامة النائب المتشدد نفتالي بينيت، وهو يحظى بتأييد قوي بين اليهود الروس، ويزاحمه أيضاً حزب زهوت بزعامة موشي فيجلين.
يبقى بعد ذلك منافس نتنياهو الرئيسي الجنرال المتقاعد بيني جانتس، وهذا بحكم صفته العسكرية يلقى قبولاً من الروس المؤيدين تلقائياً للعسكريين. والسوابق التاريخية تؤكد هذا التوجه، فلولا دعمهم ما نجح إسحق رابين عام 1992، ولا إيهود باراك في 1999. ورغم أن جانتس لا يتمتع بنفس جاذبية وكاريزما الاثنين، لكنه يظل قائداً سابقاً للجيش، وهذا مبرر كاف لانتخابه من وجهة نظر ذوي الأصول الروسية. كذلك فإن الرجل الثاني في تحالفه الحزبي وهو يوري لبيد يحظى بشعبية بين الروس العلمانيين بفضل معاركه مع الأحزاب الدينية المتشددة.
ومع ذلك تظل فرص نتنياهو قائمة، وهو يثبت دائماً براعته في استخدام كل الأسلحة، حتى ولو كانت بقايا جثة جندي قتل منذ 37 عاماً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"