تعددية اللغات

04:45 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

تشكل «تعددية اللغات» في التعليم، إحدى مكونات المنتج التعليمي العالمي؛ إذ تمكن الأجيال من التعرف إلى دول العالم وثقافاتها المتنوعة، وتسهم في توسيع آفاق مناهج التاريخ الوطني والحضارات الأخرى، وسد ثغرات البرامج التعليمية والخدمات الاجتماعية.
وهنا تأتي أهمية إثراء المناهج الدراسية في مختلف مراحل التعليم، بالثقافات والمعارف المتنوعة، لتأسيس لغة للتفاهم والتقارب بين الشعوب، وبناء أجيال قادرة على استيعاب رؤى الآخر، والعمل على تكاملها، ومواكبة المتغيرات في مختلف البلدان في شتى المجالات، وهذا ما تخطط له الوزارة منذ سنوات.
نعم.. خطوة إيجابية تلك التي اتخذها وزير التربية والتعليم حسين بن إبراهيم الحمادي، في الأمس القريب، عندما فتح باب النقاش حول مستقبل اللغة الصينية في مدارس الدولة، وتوسيع نطاق تدريسها، بمشاركة الميدان التربوي بمختلف فئاته، عبر «تويتر»، والأهم نراه في جانبين: الأول يتمثل في تفاعل شريحة كبيرة من المجتمع، والثاني نراه في التركيز على دراسة وتحليل المقترحات والتصورات المطروحة، والاستفادة منها، لاسيما تلك التي تلامس واقع طموحات دولتنا في المستقبل القريب.
وإذا دققنا النظر وجدنا أن حوالي قرابة 1,2 مليار شخص يتكلمون لهجات من اللغة الصينية (حوالي خُمس سكان العالم)، وهناك إقبال كبير من الطلبة حول العالم، على دراسة تلك اللغة وآدابها وثقافتها، لإذابة الفروق بينها وبين لغاتهم الأصلية، لاسيما أن الثقافة الصينية من أقدم وأعرق الثقافات عالمياً؛ إذ يبلغ عمرها حوالي 5000 سنه، وتمثل ثاني أكبر اقتصاد عالمياً.
والمتابع لمسارات تطوير المدرسة الإماراتية، يجد أنها تركز على الزخم المعرفي واللغوي في محتوى التعليم، ليُطل من خلاله الطلبة على مختلف الثقافات والحضارات، فباتت مدارسنا رباعية اللغة، فهناك اللغتان الأساسيتان (العربية والإنجليزية)، وكذلك الفرنسية التي تدرس تجريبياً، واليوم لدينا الصينية، المخطط إتاحتها لطلبة أكثر من 200 مدرسة حكومية وخاصة في القريب العاجل.
كل هذه الخطوات والمسارات «إيجابية وتطويرية» ولا جدال في ذلك، ولكن الأمر يتطلب منا بناء جيل جديد من معلمي تلك اللغات، ولا مانع من استقطابهم من البلد الأصل، ليكونوا نواة لإعداد «مجاهدين» تربويين جدد، مع الاستعانة بأبنائنا الذين عاشوا ودرسوا في مختلف هذه البلدان، وأتقنوا لغاتها وتعمقوا في علومها، فلماذا لا نستفيد أيضاً من علمهم؟.
اللغات عنصر أساسي في الاتصال المتناسق بين الشعوب، والمشاركة الفعالة والمتزايدة للجميع في مختلف المجتمعات، وينبغي الحفاظ عليها وتشجيع وجودها بإجراءات ممنهجة ومدروسة، لاسيما أن الإمارات تركز على إعداد كوادر بشرية مؤهلة علمياً في المجالات كافة، وتخريج أجيال مسلحة بالمقومات الأساسية التي تكفل لها الإسهام في مسيرة النهضة التنموية لوطننا الحبيب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"