الاستثمار في العقول

01:44 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد عبدالله البريكي
المستقبل الزاهر لأبنائنا لا يتحقق إلا من خلال البحث عن سبل المعرفة ومن ثم غرسها فيهم، لكن تظل ثقافة التربية غائبة نسبياً عن كثير من أولياء الأمور ، لذا تتعقد أحوال الصغار عندما يشبون عن الطوق وتتفاقم مشكلاتهم ومن الممكن أن يكون بعضهم ضحايا وهم في عمر الزهور نظراً لقلة الخبرة وعدم تزويدهم بأسلحة المعرفة التي تجعل لديهم القدرة على مواجهة بعض الصعوبات، ومن ثم اكتساب الشجاعة في الحديث عن أي طارئ يتعرضون له خارج البيت.
أقول هذا الكلام بمناسبة الظروف المتأزمة التي تحيط بعالمنا بخاصة أننا نعيش في مرحلة عجيبة مِن عمر الزمن وهو ما يجعلنا غير مصدقين أن الدنيا تتغير بهذا الشكل، وأن هناك من يحاول تبديل الحقائق ويستهدف الأطفال والشباب والكبار بكل السبل وبشتى الوسائل ومن جميع الجهات، فإن غفل الآباء عن الأبناء داخل البيت وقعوا فريسة لتويتر والفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي كافة، وإن ذهب الطفل إلى البقالة قد يواجهه شخص محنك يعرف كيف يغويه، فضلاً عن هؤلاء الذين يجيدون غسل عقول الشباب وتحويل أفكارهم في اتجاهات سلبية تفضي بهم إلى الضلال والانخداع بخطوات خفافيش الظلام.
إذن الأدوار الأسرية تتعاظم وتكبر مع مرور الزمن متوائمة مع الأحداث والمستجدات ولا يختلف أحد على أن الاستثمار الحقيقي في الأبناء وهو ما يدعو إلى النظر بعمق في الواقع ومن ثم محاولة فهمه للتعامل بحنكة وذكاء مع المستقبل ومن وجهة نظري يجب تثقيف الأبناء وبناء عقولهم على أسس علمية ومعرفية تجعلهم قادرين على التصدي لكل المحاولات التي من شأنها التأثير في وحدة الصف وتدمير مقدرات الأمة فلا يمكن أن يثمر الفراغ العقلي عن شيء لذا يجب أن تكون نظرتنا المستقبلية عميقة وعلى قدر المسؤولية فنحن نريد جيلاً مؤهلاً لتحمل المسؤولية لديه أدواته التي يستطيع من خلالها القيام بدوره تجاه مجتمعه ووطنه وأمته ولن نصل إلى ذلك إلا عن طريق العلم والاستثمار في العقول، فليست المدارس والجامعات والمؤسسات العلمية وحدها تقدر على أن تحقق معادلة المعرفة بالشكل المطلوب وهو ما يرسخ لأهمية البيت ودوره في ترسيخ عادات معرفية تحتاج إلى سنوات من التدريب حتى تصبح ضمن العادات الشخصية بل تصل إلى أن تكون مثل بعض السلوكات التي ينتهجها المرء في حياته اليومية كتناول الطعام والصلاة وممارسة الرياضة والالتقاء بالأصدقاء وغيرها من السلوكات الأخرى
إنني أحلم بأن يكون الأطفال في أعمارهم المبكرة مرتبطين بالكتاب ويحرصون على أن تكون القراءة جزءاً من الهوايات الشخصية وهو ما يعيدنا إلى فكرة إنشاء المكتبات التي صنعت في الماضي العلماء والمفكرين والأدباء والشعراء والمثقفين، وإنني مدرك تماماً للجهود التي تدفع الأسرة دفعاً لتشغيل طاقتها الفكرية واستثمار أوقات الفراغ في ربط أبنائها بالكتاب وهذه الجهود كبيرة عبر الكثير من المبادرات العظيمة لكنني أريد من كل قلبي أن يتفاعل الآباء مع مثل هذه المبادرات التي من شأنها أن تحمي أبناءنا من كل الأخطار لكونها تشغلهم عن كل تفكير سلبي وتسلحهم بالقوة والمعرفة وهو ما يخلق جيلاً مثقفاً مدركاً لحجم المخططات التي تحاك من أجل ضياعه ووصوله إلى مرحلة من العبث
ولا تزال الأحلام تراودني في أن أؤلف كتاباً أحاول من خلاله طرح أفكاري مساهمة مني في مشاركة الأسر والعائلات والمجتمع بعض الهموم ومن ثم وضع خريطة طريق لكي تعبر إلى بر الأمان، فالتحديات كبيرة ويجب أن نكون جميعاً على أهبة الاستعداد لكي تظل مجتمعاتنا آمنة وتدعم الجيل الجديد وتقدم له ما يسهم في سعادته المستقبلية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"