أساطير تمثالي ممنون في البر الغربي للأقصر

الأجزاء المكتشفة حديثا ً قد تؤدي إلى حل اللغز
02:10 صباحا
قراءة 3 دقائق
القاهرة: «الخليج»
تسابق مصر الزمن منذ سنوات، من أجل الانتهاء من مشروع ترميم شامل لتمثالي ممنون في البر الغربي للأقصر، اللذين يعدان إحدى عجائب الآثار المصرية القديمة، وأكثرها غموضاً، ما جعل منهما قبلة للسائحين من كل لون.
ويطل تمثالا ممنون على أطلال معبد أمنحتب الثالث، مثل حارسين عملاقين، طالما نسجت حولهما الأساطير، وربما كان من أكثر هذه الأساطير شهرة، تلك التي تقول إن روح ممنون، أحد الأبطال الأسطوريين في ملحمة طروادة، سكنت التمثالين، وإنها تصدح كل صباح بألحان حزينة، يسمعها سكان المناطق القريبة في البر الغربي بوضوح كل يوم، من دون أن يجدوا لها سبباً علمياً.

يصل ارتفاع التمثالين إلى نحو عشرين متراً، وهما ينتصبان وسط مساحة شاسعة تحيطها الخضرة من كل جانب، ما يضفي عليهما مهابة لا تخطئها عين، وقد كانا في غابر الزمان يمثلان بداية الطريق إلى المعبد الضخم، الذي كان قد شيده الملك أمنحتب الثالث، ولم تتبقَّ منه الآن سوى بعض أطلال، بعدما دمره زلزال قوي ضرب مصر في غابر الزمان، فلم يتبقَّ من البعد منه سوى لوحة من الحجر الرملي، يستطيع الزائر أن يلحظها بسهولة خلف التمثالين.
وتروي المخطوطات القديمة قصة إقدام «أمنحتب الثالث»، على تشييد هذين التمثالين عند مدخل معبده الجنائزي، وكيف أن النحات المصري القديم، قام بنحتهما بطريقة هندسية، تجعل عبور الهواء في الفراغ الحاصل بينهما، يصدر أصواتاً كل صباح، وهو ما يفسر إلى حد بعيد الحقيقة وراء الأسطورة، التي تقول إن روح المحارب اليوناني القديم ممنون، قد تلبستهما، وأنها هي التي تصدر تلك الأصوات، فيما يشبه رسائل حزينة إلى والدته، بعدما قتل أثناء فراره من معركة طروادة الشهيرة، وما عزز من تلك الأسطورة، هو أن عدداً من مؤرخي اليونان، الذين زاروا مصر في القرن الأول قبل الميلاد، تحدثوا عنها بوضوح، بل وسجلوها كتابة في لوحة لا تزال موجودة حتى اليوم، على ساق أحد التمثالين.

أمنحتب الثالث

يميل كثير من علماء الفرعونيات في مصر، إلى أن هذين التمثالين يمثلان صورة ربما تكون طبق الأصل، للملك أمنحتب الثالث، أحد ملوك الأسرة ال 18، التي تعد واحدة من أقوى الأسر الفرعونية، التي حكمت مصر في التاريخ القديم، ويستند هؤلاء إلى أن التمثالين يتصدران الطريق إلى معبد الملك الجنائزي، وأن ملابسهما حسبما تبدو هيئتهما، أقرب إلى الهيئة الملكية، حيث يرتديان التاج الملكي، الذي يشبه كثيراً التاج الذي ظهر في العديد من النقوش الخاصة بأمنحتب، واقفاً، وإلى اليمين من ساقيه تقف زوجته الملكة «تي»، وإلى يساره والدته، فيما تمثل باقي النقوش كرسي العرش، ومن أمامه نهر النيل المزين بنباتات البردي واللوتس، إشارة لتوحيد البلاد.

يفوق تمثالا ممنون في حجمهما، التمثال الجرانيتي العظيم للملك رمسيس الثاني، الموجود حالياً في معبد الرامسيوم، وتراهن مصر كثيراً على جذب مزيد من السياح بعد عملية ترميم التمثالين التي دخلت مراحلها الأخيرة، ويقول مسؤولون في الآثار، إنهم يدرسون منذ فترة إنشاء بحيرة أمام التمثالين تحاكي البحيرة التي حفرها أمنحتب لزوجته الجميلة «تي»، التي كانت مخصصة لنزهتها الملكية، واندثرت بفعل الزمان.

و قد لعب اكتشاف كتل حجرية لبعض الأجزاء المفقودة من أحد التمثالين، دوراً كبيراً في تحفيز القائمين على مشروع ترميم التمثالين، ويقول مسؤولون في الآثار، إن تلك الأجزاء عبارة عن كتل كوارتزية تكمل الأجزاء الناقصة من ذراع التمثال الأيمن، إلى جانب أجزاء أخرى من حزامه الملكي المزخرف، مشيرين إلى أن هذه الأجزاء كانت قد فقدت في العهد القديم على إثر زلزال أدى إلى انهيار معبد أمنحتب الثالث بالكامل، ولم يتبقَّ منه سوى التمثالين اللذين تم نحتهما في كتل من حجر الكوارتزيت، جلبت خصيصاً من الجبل الأحمر بالقاهرة، ويقولون، إن بعثة الترميم كشفت أيضاً عن أجزاء من التاج الملكي، وأجزاء أخرى من قاعدة التمثالين، وأنهما بعد إعادتهما إلى مكانهما، ربما يساعدان على فك شفرة لغز الأصوات، التي كانت تصدر عن التمثالين كل صباح.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"