ذاكرة الزمن

03:56 صباحا
قراءة 4 دقائق
د. محمد فارس الفارس

منذ ظهور التصوير في منتصف القرن التاسع عشر، أصبحت الصورة أهم وثيقة تسجل الأحداث. وعلى مدى أكثر من قرن ونصف القرن، التقطت الكاميرات ملايين الصور لحروب وكوارث ومناسبات سعيدة وحزينة لأفراد وجماعات ودول. ولاشك أن الصورة تعني كثيرا في توضيح أي حدث، وتشد القارئ وتجذبه وتحفزة على القراءة باستمتاع.
في هذه الصفحة، لدينا صور كل منها يتحدث عن مناسبة أو حدث معين نعود من خلالها لقراءة التاريخ برؤية معاصرة.

«السعادة»..مدرسة شكرالله 


عندما تأسس التعليم النظامي في الشارقة عام 1953، تولت الكويت إنشاء المدارس الحكومية في الشارقة وبقية الإمارات. وبدأت مدارس الكتاتيب تتقلص تدريجياً، ولكن كانت هناك مدرسة أنشئت في الشارقة بجهود ذاتية من أحد مواطني عجمان، وهو نعمة الله شكر الله الذي أنشأ مدرسة السعادة عام 1947. سافر نعمة الله إلى الكويت في شبابه وتعلم في مدارسها، وبعد ذلك انتقل إلى مدينة بومبي بالهند حيث درس اللغة الإنجليزية، وأكمل دراسته الجامعية ثم عمل لفترة من الوقت في مكتبة هناك تابعة للشيخ محمد علي زينل مؤسس مدارس الفلاح. عاد نعمة الله إلى عجمان وتنقل بين مدرستي الفتح والحصن، وفي أوائل الأربعينات انتقل إلى الشارقة، حيث طلب منه محمد بن علي المحمود، مدير مدرسة الإصلاح إعطاء دروس يومية في اللغة الإنجليزية لطلبة المدرسة. وفي عام 1947 افتتح نعمة الله مدرسة خاصة في بيته، وأطلق عليها اسم «مدرسة السعادة» اختصت بتعليم القرآن الكريم والحساب والإنجليزية، واستمرت في أداء وظيفتها حتى الستينات، وكانت ابنته تساعده في تعليم القرآن الكريم للبنات. والصورة المرفقة للمدرس نعمة الله شكر الله (الذي يحمل طفلاً) مع طلبة مدرسة السعادة بالشارقة في صورة تذكارية التقطت صيف عام 1963. وتبين اللوحة الموجودة بالصورة تاريخ بدء عمل المدرسة وهو عام 1366ه الذي يوافق عام 1947م تقريباً، وتذكر اللوحة أيضاً أن المدرسة استمرت في العمل حتى عام 1383ه الموافق لعام 1963م. ويبدو أن هذه الصورة التقطت كذكرى كما هو مبين بالصورة وربما التحق طلاب المدرسة التي أغلقت، بالمدرسة القاسمية التي كانت المدرسة الابتدائية الوحيدة بالشارقة في تلك الفترة وتشرف عليها الحكومة الكويتية.

الجراد يهجم على الكويت


واجهت دول الخليج مشكلة أسراب الجراد التي كانت تهاجم المدن وتأكل كل شيء أمامها. ويحدثنا د. ستانلي ماليري عن ما رآه من أسراب الجراد وهي تهاجم الكويت في إحدى السنوات الأولى من القرن العشرين، قائلاً «نزلنا ذات مرة ضيوفاً على الشيخ مبارك الصباح (1896 - 1915) في معسكره في الصحراء على بعد 10 كيلومترات من الكويت، عندما قطعت زيارتنا أسراب كثيفة من الجراد زحفت علينا واضطرتنا إلى الرحيل من المعسكر، وقد أكل الجراد كل ما صادفه في طريقه وكل ما حط عليه ربما في ذلك الطعام والخيام وحتى الملابس نفسها، وزارنا الجراد مرتين في تلك السنين المبكرة، جاءت في المرة الأولى أسراب طائرة حجبت نور الشمس وبقيت في المنطقة حتى وضعت بيوضها والتهمت كل ما يمكن التهامه في الصحراء، ومن الصعب وصف البؤس الذي سببته هذه الحشرة للكويت وضواحيها فقد هاجمنا الجراد الزاحف بأسراب لا تحصى، يتألف كل سرب من نحو 10 آلاف جرادة.

بوريخارت في الإحساء


يتشوق القارئ لأن يعرف كيف كانت الحياة في مدن الخليج في بدايات القرن العشرين. ومن ضمن الرحلات التي زار فيها رحالة أجانب مدناً خليجية وقتها، رحلة الألماني هيرمان بوريخارت الذي زار مدينة الإحساء والقرى التابعة لها عام 1904. وصل بوريخارت في 4 يناير من ذلك العام إلى مدينة الهفوف التي كانت من ضمن واحة الإحساء، ويصف مشاهداته قائلاً «سرنا لساعات عدة عبر مزارع المنخيل ووسط مياه وفيرة متجهين إلى الهفوف، ودخلنا المدينة التي يوجد بها ما يقارب 30 ألف نسمة، وتنقسم المدينة إلى ثلاثة أجزاء، والتجارة تتم في معظم الأحيان داخل البيوت. وبين الكوت، وهو أحد أجزاء المدينة، والسوق، يقع «سوق الخميس»، وتحت أكواخ مسقفة بسعف النخيل، تباع جميع أنواع المؤن مثل الأسماك وسرطانات البحر المجففة الواردة من القطيف، أما القطع النقدية المتداولة، فهي تاليري ماريا تيريزا وقطع النقد الهندية، وقطع النقد الطويلة (اللارين) النادرة، ويصل البريد أسبوعياً عن طريق البحرين.

أزياء العراقيين عام 1916


في عام 1916 زار الرحالة الفرنسي إميل أوبليه مدينة بغداد، وتحدث عن زي النساء والرجال في بغداد. يقول «سكان بغداد يرتدون بصفة عامة الزي العربي، إذ يلبس الرجال نوعاً من الملابس يسمى (زبون) وفوقه رداء يسمى (عباءة) في حين توضع على الرأس قبعة مع أو بدون عمامة، أو منديل مثبت بحبل من وبر الجمل يطلق عليه «عقال» وتلبس النساء في بيوتهن "أرواباً" بسيطة جداً، والنساء لا يخرجن إلى الشارع أبداً من دون أن يلبسن رداء يسمى «إزار»، ويضعن على وجوههن نقاباً يدعى «بوشيه»، وهي منسوجة من شعر الحصان، أو من نسيج ناعم، ويستخدمن كذلك نوعاً آخر يسمى «يازما» أو «منديل» من أجل تغطية الوجه، واللواتي لا يلبسن إزاراً يرتدين رداءين ويغطين وجوههن بنقاب خفيف أيضاً. وتستخدم النساء هنا الكحل لصبغ أطراف الجفون والحواجب، كما يستخدمن الحناء لصبغ الشعر وأصابع اليد والأقدام، أما مصوغاتهن فهي ذات أثمان مرتفعة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"