حكاية فرح وإنجاز

01:12 صباحا
قراءة دقيقتين
صالحة غابش

منذ السنوات الأولى من أعمارنا، شيء عاطفي ربطنا بالكتاب، وكأننا حين حلمنا أن ندخل المدرسة، حلمنا بالحقيبة ومحتواها من الكتب والدفاتر والأقلام.
لا تزال رائحة كتبنا الصغيرة عطر الفصل في المدرسة والغرفة في البيت.
كان الكتاب في صغرنا بحروفه الكبيرة، ورسومه الكثيرة، يأخذنا مما حولنا إلى عالمٍ آخر مع حاجتنا الماسة لمن يساعدنا على الدخول فيه، والتنزه بين أروقته..الكتاب.. عالم ساحر لا يعرف قيمته إلا من جرب أن يصادقه ويصطحبه معه إلى أمكنة الصفاء والبحث عن شيء ما لا نعرفه إلا إذا وجدناه.. شيء يتضمن العنوان الكبير «المعرفة».. وماذا نحن من دون المعرفة؟
لمن لم يجتهد ليعرف سر أفكاره الكامنة في ذاته عليه أن يقرأ كتاباً، فيقتحم الكلمة والجملة والفقرة والصفحات.. ولا يغفل عن الهوامش والتنويهات والمعلومات، ثم يخرج من بوابة الغلاف الأخير وفي فمه مذاق القراءة، وفي عقله إضاءة معرفة، وفي وجدانه نبضة حب واشتياق لقراءات أخرى.
الكتاب نبض وفكر، هاتان الضفتان اللتان يجري بينهما نهر الحياة وإدراك كنهها، وإلا لما جاءت الرسالات السماوية به كمصدر ملهم للهداية والعلم بكل حقائقه المبهرة، والسلام النفسي والخارجي.. بدءاً من ألواح موسى عليه السلام، والتوراة ثم إنجيل عيسى عليه السلام، وصولاً للكتاب الأعظم.. القرآن الكريم؟ الذي نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالكلمة الكونية الأولى التي تعلمناها صغاراً، ونعلمها لصغارنا. وما أسعدهم حين يتبارون في الإجابة عن سؤال: ما أول كلمة نزلت في القرآن الكريم؟
إنها خواطر مَن هُوَ في انتظار أن تفتح الشارقة معرضها الثامن والثلاثين للكتاب، لنعيش تلك البهجة التي لا يوازيها أي شعور مماثل.. خاصة وأنه يأتي مع احتفالنا بالشارقة عاصمة عالمية للكتاب، ذلك اللقب الذي توج جهود حاكمها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي روى لنا حكاية المعرض منذ بداياته، واصفاً الصعوبات والتحديات التي واجهته في كتاب يعد مرجعاً تاريخياً مهماً لبناء الثقافة في الشارقة، وهو كتاب «حصاد السنين» الذي نقرأ فيه إصرار سموه على الاستمرار في تنظيمه رغم الصعوبات والتحديات منذ ذلك الوقت المبكر الذي لم يكن لمعارض الكتب حضورها الكبير والمؤثر كما هو اليوم، حتى أصبح معرض الشارقة للكتاب من المعارض العالمية التي تلفت الأنظار، وتحرص كبار دور العرض العالمية على المشاركة فيه، كما يحرص كبار الشخصيات المؤثرة على تلبية الدعوة لحضوره واللقاء مع جمهوره، حكاية نراها تثمر سعادة وفرحاً بالإنجاز الذي وصلت إليه شارقة الإمارات عبر أهم مصادر المعرفة الإنسانية وهو «الكتاب».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"