سداد ديون الميت من تركته

02:24 صباحا
قراءة 3 دقائق
يقرر الشرع الإسلامي بأن المسلم إذا مات وترك مالاً، تعلقت بهذا المال أربعة حقوق، وهي ليست في مرتبة واحدة كما يقول سيد سابق رحمه الله تعالى في كتابه "فقه السنة" (ج3 ص605) .
وإنما ترتبت تلك الحقوق في الإخراج كما يلي: تكفين الميت وتجهيزه، ثم قضاء ديونه، وهي قد تكون ديون الله تعالى كالزكاة مثلاً، وقد تكون ديون العباد . وديون الله تعالى عند الشافعية تخرج من مال الميت، وعند الحنفية تسقط بالموت، إذ لا تلزم الورثة بأدائها، إلا إذا تبرعوا من تلقاء أنفسهم، أو أوصى الميت بأدائها، والمالكية قالوا إن ديون الله تعالى يجب إخراجها كديون العباد، وهي تخرج من الثلث على كل حال .
والحق الثالث المتعلق بتركة الميت، هو تنفيذ وصيته من ثلث الباقي، ويعتقد الناس أنها تنفذ من ثلث المال، والصحيح أنها من ثلث الباقي بعد قضاء الديون .
والحق الرابع هو تقسيم ما بقي من المال بين الورثة حسب الأنصبة الشرعية التي حددها القرآن الكريم والسنة المطهرة .
والأنصبة الشرعية هي الفروض المقدرة والمعروفة بالنصف والربع والثمن والثلثين والثلث والسدس وثلث الباقي .
فإذا مات مسلم وجب الإسراع في تكفينه ودفنه، وبعد ذلك تقضى ديونه من تركته، والتركة هي ما يتركه الميت من الأموال مطلقاً كما يقول الأحناف، لكن ابن حزم الظاهري يقرر أن الله تعالى أوجب الميراث فيما يخلفه الإنسان بعد موته من مال، لا فيما ليس بمال . ثم يقول: "وأما الحقوق فلا يورث منها إلا ما كان تابعاً للمال أو في معنى المال، مثل حقوق الارتفاق والتعلي، وحق البقاء في الأرض المحتكرة للبناء والغرس" . وجمهور المالكية والشافعية والحنابلة قالوا: "تشمل التركة جميع ما يتركه الميت من أموال وحقوق، سواء كانت مالية أم غير مالية" .
على كل حال فإن الديون تتعلق بتركة الميت، وإذا كان الميت موظفاً، وقررت التأمينات الاجتماعية بعد موته معاشاً تقاعدياً له، فإن ذلك المعاش لا يدخل ضمن التركة، ولا يتحول إلى تركة إذا مات ولم يترك مالاً (تركة) .
لأن التركة قررتها الشريعة الإسلامية، وربطت بها حقوقاً أربعة كما بيناها، وهي محددة الفروض والأنصبة كما ذكرنا، وحددت الشريعة أيضاً مستحقيها وهم من الرجال:
الأب والجد أبو الأب وإن علا، والابن وابن الابن وإن نزل، والأخ الشقيق والأخ لأب والأخ من الأم، وابن الأخ الشقيق وإن نزل، وابن الأخ من الأب وإن نزل، والعم الشقيق، والعم من الأب، وابن العم الشقيق وإن نزل، وابن العم من الأب وإن نزل، والزوج، والسيد المعتق، وعصبته المتعبون بأنفسهم .
والمستحقات من النساء هن: الأم والزوجة والبنت وبنت الابن وإن نزل أبوها بمحض الذكور، والأخت الشقيقة والأخت من الأب، والأخت من الأم، والزوجة، والسيدة المعتقة .
أما المعاش التقاعدي، فيقرره قانون التأمينات الاجتماعية، والمستحقون فيه هم المحددون حسب الفئات المنصوص عليها في ذلك القانون، وليس بالضرورة أن يكونوا كلهم من الورثة .
من أجل ذلك فإن ديون الميت لا تسدد من خلال المعاش التقاعدي، لأنه محدد بالقانون الوضعي الخاص بالتأمينات الاجتماعية، ومن ثم فإن الورثة غير ملزمين بسداد ديون الميت من المعاش التقاعدي لموّرثهم .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"