عادي

حروب جرثومية سرية أمريكية

02:12 صباحا
قراءة 3 دقائق
ديفيد سوانسون *

يعرض المقال التالي معلومات مخيفة بقيت مخفية طوال عقود، حول استخدام الولايات المتحدة أسلحة بيولوجية جرثومية في حروب عبر العالم، علماً بأن هذه الأسلحة محرمة في القانون الدولي.
خلال الحرب الكورية (1950 - 1953)، سوّى القصف الأمريكي المكثف كوريا الشمالية بالأرض، في حين استخدم الجيش الأمريكي أسلحة بيولوجية (كيماوية وجرثومية). والقوات الأمريكية لم تعد تجد آنذاك أهدافاً سليمة لقصفها. وكثير من الكوريين الشماليين الذين نجوا من الموت، اضطروا للعيش في كهوف. وقتل ملايين من الناس بقنابل فتاكة، كان بينها النابالم.
والكوريون الشماليون ما يزالون حتى يومنا هذا، يعيشون في رعب من أن يتكرر التاريخ. ومع أن الولايات المتحدة حاولت نشر أمراض مثل الطاعون الدبلي في كوريا الشمالية، إلا أن هناك كثيرين من الذين يخدعون أنفسهم، ويؤمنون بأخلاقية الحروب الأمريكية.
ويستحق مشروع جديد لعالم النفس الأمريكي جيفري كاي، الثناء، لنشره تقريراً مهماً بقي مخفياً طوال عقود. والتقرير وضعته في 1954 لجنة مكونة من علماء بارزين من السويد، والبرازيل، وفرنسا، وإيطاليا، وبريطانيا، برئاسة العالم والمؤرخ البريطاني الراحل السير جوزيف ويندهام، الذي يستحق كامل الاحترام، وذلك استجابة لطلب من الحكومتين الكورية الشمالية والصينية.
والتقرير دقيق وشامل، وقد استخلص أن الولايات المتحدة استخدمت بالفعل أسلحة جرثومية في الحرب الكورية. وتلك الأسلحة لعبت دوراً محدوداً نسبياً. ومع ذلك، فإن حكومة الولايات المتحدة استخدمت مصطلح «غسل الأدمغة» لكي تحاول تفسير ودحض شهادات طيارين أمريكيين، اعترفوا بمشاركتهم في حرب جرثومية.
وكما قال الدكتور جيفري كاي، فإنه من غير المقبول أخلاقياً، أن تكون الولايات المتحدة قد استخدمت هذه الأسلحة مستفيدة من تجارب علماء يابانيين اعتقلوا في نهاية الحرب العالمية الثانية.
ومشروع العالم جيفري كاي، تضمن أيضاً نشر معلومات موثقة حول قيام الولايات المتحدة بنشر الموت والجوع في كوبا خلال الحرب الباردة، حيث نشرت أوبئة في الجزيرة «تسببت بانتشار وباء حمى الضنك في 1981، حين أصيب حوالي 340 ألف شخص بالعدوى، توفي منهم 158 شخصاً، كان بينهم 101 طفل». ويوجد في كوبا اليوم، متحف خاص يعرض الأدلة على سنين من الحرب البيولوجية الجرثومية الأمريكية ضد كوبا.
وكما قال الدكتور جيفري كاي، فإن أحد الأعمال الصادمة واللاأخلاقية التي مارستها الحكومة الأمريكية، ضمن برنامجها لتطوير أسلحة جرثومية، هو نشر داء لايم في منطقة بلدة أولد لايم بولاية كونيتيكت، التي أعطت اسمها لهذا الداء الخبيث الذي انتشر بسرعة.
واليوم، لم يعد هناك أي مجال للشك في أن الولايات المتحدة، عملت طوال سنين لتطوير أسلحة بيولوجية جرثومية في مواقع سرية متعددة، كان أبرزها معسكر ديتريك في ولاية ماريلاند، حيث أجريت أبحاث وتجارب في الفترة ما بين 1943 إلى 1969.
والأخطر من ذلك هو أن مؤرخين أمريكيين أثبتوا بالوثائق والوقائع، أن الجيش الأمريكي اختبر مثل هذه الأسلحة سراً في مدينة سان فراسيسكو ومواقع كثيرة أخرى داخل الولايات المتحدة، وحتى على جنود أمريكيين.
واليوم، ربما لم تعد الولايات المتحدة تستخدم في حروبها أسلحة بيولوجية جرثومية، إلا أنها سبق أن استخدمت قنابل عنقودية في أنحاء مختلفة من الشرق الأوسط، وفي ضربات شنّتها طائرات بلا طيار أمريكية في باكستان، كما استخدمت قنابل اليورانيوم المنضب، مثلما حدث في حرب العراق 1991.
وإنه لأمر مهم، بل حيوي، معرفة شرور مثل هذه الحروب، والعمل لمحاولة وقفها.

* كاتب وناشط سلمي أمريكي
موقع: زي نت

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"