«التفنيش».. وشماعة كورونا

04:38 صباحا
قراءة دقيقتين
إبراهيم الهاشمي

التوجيهات التي أصدرها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، لإيجاد مختلف أوجه الدعم الممكنة لمواطني الدولة والمقيمين على أرضها لمواجهة هذه الأوضاع الاستثنائية التي نمر بها بسبب فيروس كورونا وما سببه من أزمة اقتصادية عالمية طالت الجميع من دون استثناء، جاءت بلسماً حقيقياً يدل على وعي كامل بالمسؤولية وتجسيداً للمعنى العميق ل «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» الذي جاء على لسان نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهي خطوة إيجابية لصيانة الاستقرار الاقتصادي والأمن المجتمعي والوطني.
لكن هناك جهات وشركات خصوصاً في القطاع الخاص لا تعي سوى منطق الربح والخسارة، ولا تدرك الوجب الوطني الملقى على عاتقها خصوصاً في حال الأزمات الكبرى. تفكر بفردية وأنانية بغيضة، لا تدل إلا على ضيق أفق، من دون أدنى تحمل لمسؤولية الأمن والاستقرار الاجتماعي والوطني. لا تعمل إلا بمنطق الأرقام ولا تعنيها «الأعناق والأرزاق»، ولا يهمها إلا مفهوم أن أنجو وحدي ولو تسببت تصرفاتي في خلق أزمة اقتصادية واجتماعية وإنسانية أخرى.
بعض هذه الشركات الخاصة اتخذت الخطوة الأسهل في نظرها، حيث سارعت إلى فصل الكثير من موظفيها كخطوة لتقليل ما قد تخسره بالرغم من إعلاناتها المسبقة عن تحقيق المليارات من الأرباح، من دون أن تفكر عميقاً في التعامل مع الأزمة بطرق مبتكرة واستثنائية تحافظ على السلم المجتمعي وتقدر الأفراد الذين جنوا الأرباح لها أيام الرخاء، ومن دون أي اعتبار للمسؤولية المجتمعية الملقاة على عاتقها في مثل هذه الأوقات. وبالطبع المبررات جاهزة، وشماعة «كورونا» وتبعاتها فضفاضة بما يكفي لتخفي ضعف تلك الشركات وغياب البصيرة عنها في مثل هذا الظرف الاستثنائي، إذ حولت تلك الشركات بقراراتها غير المدروسة عدداً كبيراً من المواطنين والمقيمين إلى عاطلين عن العمل، تقطعت بهم السبل والأسباب ولا يعرفون كيف يتدبرون أمورهم ومقتضيات حياتهم.
الأمر برمته يحتاج إلى وقفة صارمة من الجهات العليا في الدولة، بحيث لا تسمح بهذا الأسلوب من التلاعب بمصائر البشر.. في غمضة عين، ولا تسمح بالمس بالاستقرار الاجتماعي قبل الاقتصادي. تحمي الإنسان وتحفظ حقوقه؛ فالوطن وأبناؤه والمقيمون على ترابه، العاملون على رقيه وتطوره أبقى وأهم، وهم يحتاجون إلى من يحميهم ويصونهم في مثل هذا الوقت.
بكل تأكيد نعرف أننا في دولة شعارها «كلنا سواسية.. يداً واحدة في السراء والضراء»، نتكاتف دائماً وأبداً، ونسير على منهج سيد البشرية صلى الله عليه وسلم الذي قال: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
يبدو أن مثل تلك الشركات في القطاع الخاص تحتاج إلى من يعلمها المعنى الحقيقي لكلمة: «تداعى».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"