عربية مكسرة!

03:47 صباحا
قراءة دقيقتين
إبراهيم الهاشمي

أصدرت الدولة عدداً من القرارات الخاصة بدعم اللغة العربية، بالإضافة إلى الجوائز المحفزة في هذا المجال، وقد تنوعت القرارات حتى وصلت إلى إلزام المحلات التجارية بمختلف أنواعها إلى إضافة اللغة العربية على إيصالات الشراء التي تصدرها مقابل أي عملية شراء تتم لديها. القوانين كثيرة والحوافز متعددة، لكن هل يتناسب ذلك مع ردة الفعل من قبل الجهات المعنية التي يترتب عليها تطبيق كل القرارات؟
جل الشركات العقارية تغرد خارج السرب، فأغلب مشاريعها لا تسمى إلا بمسميات أجنبية، ثم لا تترجم بل تكتب فقط بالحروف العربية، حتى أصبحت الكثير من المناطق السكنية والعقارية لو حاولنا تهجّيها عربياً لكانت المخارج عربية بلغة إنجليزية صرفة في تغريب عجيب لا مسوّغ له، علماً بأن أغلب تلك الشركات كانت تتسابق لتسمية مشاريعها بمسميات عربية جميلة ذات دلالة ومعنى، والمؤسف أيضاً أن بعض المنشآت التجارية تتسمى بمسميات لغات شتى، ثم تكتب بحروف عربية، والأصل في التسمية يجب أن يكون عربياً، ثم إما أن يترجم أو يكتب باللغة الإنجليزية كما هو أصله العربي، خصوصاً في الشركات ذات المنشأ المحلي أي أنها ليست شركات عالمية لها علامتها التجارية المعروفة، وهنا نتساءل حول مدى تساهل دوائر التنمية الاقتصادية في ذلك؟.
أما إيصالات الشراء وما تحتويه من لغة عربية فتلك قصة أخرى، ولا تخرج عن نطاق الترجمة «الجوجلية» التي لا تشفي الغليل، بل تزيد القهر وترفع الضغط، مع العلم أن بعض المحلات تجاهلت قرار إضافة اللغة العربية، ولم تضف إلا كلمات معدودة مثل «المنتجات - الدفع - ضريبة القيمة المضافة»، من دون تفصيل في نوع البضاعة، والبعض تجاهل القرار تماماً، وبعضها تجد الإيصال عبارة عن حروف عربية غيرة متصلة أو مترابطة وكأنها طلاسم تظن معها أنك أمام عمل سحري يجب ألّا تلمسه يداك، أما من أضاف الترجمة الجوجلية «فقد فعل العجب العجاب تنكيلاً وعبثاً بلغة القرآن، ولم يتعدَّ ما فعله سوى كتابة المسميات بحروف عربية تكسر اللغة كسراً وتحريفاً، وللدلالة على ذلك أرجو من القراء الكرام كتابة «فاكهة العاطفة» والتي هي نتاج ترجمة حرفية لأحد عصائر الفواكه المشهورة تمت ترجمتها من الإنجليزية بتلك الطريقة العاطفية المشوهة.
الحفاظ على اللغة العربية يتطلب جهداً أكثر من مجرد إصدار قرارات ونسيانها، بل يحتاج إلى رقابة ومتابعة متواصلة، قرارات ملزمة تمنع التجاوز، وتحقق التوازن، وتحافظ على اللغة والهوية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"