عمران العويس

03:39 صباحا
قراءة دقيقتين
إبراهيم الهاشمي

لم يكن مجرد عابرٍ لهذه الحياة، كان عمراناً للمعرفة والكلمة الطيبة، وكان صنو نفسه.
يسبقه وقاره في أي مكان كان يجلس فيه أو يذهب إليه، دمث الخلق، قليل الكلام، مستمع من الدرجة الأولى، يسمع بإنصات وأناة، استماع فيه الكثير من الانتباه للمعلومة وتفاصيل الحديث. إذا تحدث أنصت الجميع، فهو قارئ نهم مطلع واسع المعرفة، ولا سيما في ما يخص تاريخ الإمارات وحوادثها وقبائلها ومنطقة الخليج والجزيرة العربية، بل هو مرجع من المراجع المهمة في تاريخ الوطن، وأحد مؤرخيه الموثوقين القلائل، لذا فكل كلمة منه لا تخرج إلا بعد تمحيص وتدقيق ومراجعة طويلة ودقيقة، لا يهرف بما لا يعرف، إذ يمكنه أن يقول لا أعرف بكل سهولة حينما لا يعرف، لأنه يتمتع بيقين وثقة العالِم بأن يقول لا أعرف أفضل من أن يدعي المعرفة بشيء لا يعرفه.
عرفته في ندوة الثقافة والعلوم ذات يوم بعيد، رجل يزرع الطمأنينة فيمن يخالطه، يحترمه الجميع ويوقره، يدخل القلب من أوسع أبوابه، درة المكان الذي يجلس فيه، نتحلق حوله كالمريدين، نستمع إليه بإنصات التلاميذ إذا تحدث أو أبدى أي ملاحظة حول موضوع ما، خصوصاً أنه قليل الكلام، لكنه لا يقول إلا درراً.
عمران العويس، غيابه خسارة جسيمة للثقافة والتاريخ الإماراتي، فباعُه الطويل وما عاشه من أحداث وعاصره من قضايا، ومتابعته الدقيقة الوثيقة للمعلومات والمعارف التي تمس تاريخ الوطن وتوثيقه لها بموضوعية كنا نستشفها في ما نسمع منه من حديث قليل، تجعله فعلاً خسارة لا تعوض بتاتاً.
وبسبب حرصه الشديد على التأكد والثقة في ما يقول، لا نجد له شيئاً مطبوعاً ككتاب سوى محاضرة يتيمة هنا وهناك، وبعد إلحاح شديد من محبيه وأصدقائه.
خسارتنا فيه كبيرة، لا يسد فراغه أحد ولا يعوض غيابه كان من كان.
فقدنا وفقد الوطن والثقافة والتاريخ أحد الرجالات الثقات الأبرار الصادقين، لكننا لا نقول إلا لله ما أخذ، ولله ما أعطى، وإننا على فراقك يا عمران لمحزونون.
عمران العويس، رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته، وألهمنا وأهله الصبر والسلوان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"