مهما يمر الزمان

04:33 صباحا
قراءة دقيقتين
إبراهيم الهاشمي

كنا ونحن صغاراً حينما يهطل المطر ننطلق في الطرقات مرددين أهزوجة تعتبر من التراث الشفاهي الوطني الإماراتي الممزوجة بالامتداد العربي الإسلامي والشعور المشترك، معبرة عن التحام الوجدان العربي من أقصاه إلى أقصاه في قضية لا حياد فيها وعنها؛ إذ نردد ونحن نجوب الحواري مستبشرين بهطول المطر وعطاء الرحمن وبتلقائية الطفولة: «طاح المطر على الطين.. الله يخلي فلسطين.. فلسطين بلادنا.. واليهود......» نرددها من القلب، لتنتشر في الآفاق، فقد رضعناها من أمهاتنا ورسخها في وجداننا أجدادنا وآباؤنا، قادتنا وشيوخنا، تعلمنا أبجدياتها في مدارسنا وعن مدرسينا ومعلمينا، ووعينا معناها ومغزاها وحيثياتها مع كل حدث وعايشنا تداعياتها مع كل انتفاضة أو إضراب أو اعتداء أو قضم أو عدوان.
لم تغب عن خلدنا فمارسنا بعفوية الشعور والانتماء، فعاليات يوم القدس، وغنينا بصوت واحد: «لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي» و«أنا لا أنساك فلسطينُ ويشدّ يشدّ بِيَ البعدُ»، ونرتمي في أحضان الشوق نغني بصوت الحق «منتصب القامة أمشي.. مرفوع الهامة أمشي» وما إن يأتي يوم الأرض حتى نجتمع ونعتمر الكوفية ونردد: «أناديكم أشد على أياديكم وأبوس الأرض تحت نعالكم وأقول أفديكم»، «شدو الهمة الهمة قوية».
حاضرة في الوجدان، نغذيها شعوراً لا يتزعزع بعدالة القضية والموقف، بالحق السليب الذي لا بد أن يعود، مستغربين الظلم الذي يمارس ويستشري متغلغلاً في أوصال العدالة الدولية.
نستبشر فنردد: «إلى فلسطين خذوني معكم» راجين أن نصلي ذات يوم في ثالث المساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها، من دون أخذ تصريح من عدو مغتصب ومن غير تطبيع كما هو الحال اليوم لمن يذهب لزيارتها.
ذات يوم طلبت من صديق مقدسي أن يعطرني بشيء من تراب القدس، أحتفظ به في القلب مردداً ما قاله الشاعر:

سنرجع مهما يمر الزمان
                 وتنأى المسافات ما بيننا
وما زال بين تلال الحنين
                 وناس الحنين مكان لنا
فيا قلب كم شردتنا الرياح
                تعال سنرجع هيا بنا

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"