إفريقيا.. القارة المجهولة

03:37 صباحا
قراءة دقيقتين
يحيى زكي

نشرت مجلة «foreign affairs»، في عدد أغسطس الماضي موضوعاً عن خمسة قادة أفارقة يستطيعون تغيير شكل القارة تنموياً وديموقراطياً، وهم: آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا، جواو لورنسو رئيس أنجولا، سيريل رامافوزا رئيس جنوب إفريقيا، فيليكس تشيسيكيدي رئيس الكونغو الديمقراطية ومحمد بخاري رئيس نيجيريا. هم قادة جدد ويحكمون بلداناً يصل عدد سكانها إلى حوالي نصف سكان إفريقيا جنوب الصحراء، فضلاً عن الثروات الضخمة التي تمتلكها هذه البلدان، وكلهم يرفضون الفساد وسوء الإدارة.
هل تتغير إفريقيا وتلحق بالبلدان المتقدمة، هل يحمل المستقبل المنظور فرصاً واعدة لهذه القارة تعيسة الحظ؟ هل نستيقظ يوماً على عالم تختفي فيه التقسيمات الموروثة من حقبة الاستعمار؟ عالم يخلو من مصطلحات مثل: العالم الأول والعالم الثالث.. الخ، كل الاحتمالات المتفائلة واردة في ما يتعلق بهذه القارة، بالإضافة إلى السيناريو الأسوأ، حيث كانت هناك تجارب إفريقية واعدة في حقبة الستينات من القرن الماضي انتهت بمآس وبمزيد من الاستبداد والتبعية.
ولكن السؤال الخاص بنا نحن في العالم العربي، ماذا نعرف عن القارة الإفريقية؟ ما هو حجم التغطية الإعلامية للشأن الإفريقي؟ ماذا نترجم من الدوريات الإفريقية؟ ماذا نشاهد من السينما الإفريقية، نيجيريا مثلاً تمتلك صناعة سينمائية ضخمة. ماذا نقرأ من الأدب الإفريقي؟ هل فكرنا يوماً في ندوة نتعرف فيها على الفكر الإفريقي؟ الذي يختلف بالتأكيد في تعاطيه مع الحياة ونظرته إلى العالم عن نظيره الغربي، الأكثر مدعاة للأهمية هو حجم معرفتنا الضئيل بنقطتين جوهريتين: الوجود العربي الحديث في إفريقيا، خاصة الساحل الغربي، ومسار الثقافة الإسلامية في منطقة جنوب الصحراء. مئات الآلاف من المخطوطات التراثية المكتوبة بالعربية تضيع أو تنهب أو تسرق أو تحرق.
يلعب إرث الاستعمار وما بعد الكولونيالية، دوره في معرفتنا بإفريقيا، وترسيخ صور ذهنية نمطية مكررة، وحتى في الصور الإعلامية الحديثة، لن تعثر على صورة من أي بلد إفريقي يقع جنوب الصحراء إلا وتكون غالباً موزعة على ثلاثة موضوعات، الأول إبراز مشاهد الفقر: المنازل القديمة.. الطرق الوعرة.. الأطفال البؤساء.. الخ، والثاني إمتاعي يتمثل في تلك الأرض التي لا تعدو إلا أن تكون حديقة حيوانات برية مفتوحة، والثالث ظرفي يتعلق بالحروب والمجاعات، بحيث أصبحت تلك المنطقة في الوعي العربي العام بائسة لا رجاء من التعرف إليها.
إن ترسيخ معرفة حقيقية من خلال الإعلام والثقافة والتاريخ مفتاح ضروري للانفتاح على عمق العالم العربي المتمثل في إفريقيا، فتلك القارة على مرمى حجر بالنسبة إلينا، وهو الانفتاح الذي سيوفر الكثير من فرص التعاون والاستثمار بالنسبة للعرب في تلك القارة التي لا تزال حتى هذه اللحظة واعدة بالنسبة لنا، ولكنها مجهولة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"