الاقتصاد في علاقة الصين بالهند

03:50 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عبدالعظيم محمود حنفي

يرى البعض أن الخلافات بين الصين والهند تمثل أكبر عائق أمام انتزاع الصين والهند لقرنهما الذي يستحقانه (القرن الحادي والعشرين). البلدان ظلا منذ العام الميلادي الأول وحتى عام 1820 أكبر اقتصادين في العالم، بحسب توثيق الاقتصادي آنجس ماديسون. أما الأعوام المئتين الأخيرة للهيمنة الغربية من تاريخ العالم فقد كانت انحرافاً كبيراً في مسار التاريخ المعتاد، ولما كانت كل الانحرافات تصل إلى نهاياتها الطبيعية، فمن الطبيعي تماما للصين والهند أن تكونا مرة أخرى صاحبتي أكبر اقتصادين في العالم.
تعالت الأصوات بالدعوة إلى الحوار بين القوتين الكبيرتين، بعد التراشقات العسكرية بين قوات البلدين التي استمرت أكثر من شهرين. وبدأت المواجهة في منتصف يونيو/ حزيران، عندما اكتشفت بوتان، الحليفة الوثيقة للهند، أن الجيش الصيني يحاول تمديد طريق عبر دوكلام، وهي هضبة مرتفعة في الهيمالايا تنتمي إلى بوتان، ولكن الصين تدعي ملكيتها. وسرعان ما أرسلت الهند، التي تضمن أمن بوتان الصغيرة قواتها ومعداتها لوقف البناء، مؤكدة أن الطريق الذي يشرف على النقطة حيث تلتقي حدود التيبت، وبوتان، وولاية سيكيم الهندية، يهدد أمنها. ومنذ ذلك الحين، أخذ قادة الصين يحذرون الهند كل يوم تقريبا مطالبين إياها بالتراجع أو مواجهة الانتقام العسكري.
وهددت وزارة الدفاع الصينية بتلقين الهند «درساً مريراً»، متعهدة بأن يتسبب أي صراع في إحداث «خسائر أعظم» من تلك التي أحدثتها الحرب الصينية الهندية في عام 1962، والتي نجحت فيها الصين الماوية، في إلحاق الهزيمة بالهند حديثة الاستقلال آنذاك. وأخيراً اتفقت الهند والصين على سحب قوتيهما المتواجهتين لأسابيع بالقرب من المثلث الحدودي بين الهند والصين وبوتان، ولكن كان الغضب والتراشق الإعلامي بين البلدين على أشده، وكان الغضب الهندي على الصين مرجعه عدد من العوامل.
فعلى الرغم من التفوق العسكري الصيني الشامل، فإن الصين ليست في وضع يسمح لها بإيقاع هزيمة حاسمة بالهند في حرب على جبال الهيمالايا، نظراً لدفاعات الهند المحصنة على طول الحدود. ما يمثل إحراجاً للزعيم الصيني شي جين بينج قبيل المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني.
نهج المواجهة الذي تتبناه الصين قد يدفع الهند وهي، «الدولة المُرَجِّحة» الأكثر أهمية على المستوى الجيوسياسي في آسيا، إلى معسكر الولايات المتحدة، المنافس العالمي الرئيسي للصين. ونهج بكين ربما يؤدي أيضا إلى تقويض مصالحها التجارية في الاقتصاد الرئيسي الأسرع نمواً في العالَم، وبالتالي خنق شريان الحياة الذي يمد الصين بواردات الطاقة. كذلك، حذرت وزيرة الخارجية الهندية سوشما سوراج ضمنياً من عقوبات اقتصادية إذا استمرت الصين، التي تدير فائضا تجاريا سنويا يقرب من 60 مليار دولار مع الهند، في تعكير السلام على الحدود.
تقدمت الهند بشكوى ضد بكين بشأن استثماراتها الكبيرة في ممر اقتصادي في الجانب الباكستاني من كشمير التي تعتبرها الهند من أراضيها. المشروع الذي تقدم فيه بكين إلى إسلام آباد 46 مليار دولار يربط بين الصين وميناء جوادر الباكستاني عبر كشمير، ويثير قلق نيودلهي، لأنه لا يمنح الصين إمكانية دخول استراتيجية فحسب في سوق الخليج العربي، بل يدعم أيضاً قدرات القوات البحرية الباكستانية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"