التعذيب الأمريكي وحقوق الإنسان

00:36 صباحا
قراءة دقيقتين
في آذار/مارس الماضي من العام الحالي أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي حول حالة حقوق الإنسان في العالم باستثناء عدم رصد هذه الحالة في أمريكا بالطبع، لكن التقرير ينوّه في مقدمته عن هذا الأمر بالقول، إننا نعترف بأننا نكتب هذا التقرير في وقت يتم فيه التشكيك في سجلنا الخاص والأعمال التي قمنا بها رداً على الهجمات الإرهابية التي استهدفتنا.واللافت أن هذه المقدمة أقحمت عبارات أخرى تدحضها الأفعال الأمريكية في هذا الجانب وخصوصاً في معتقلي أبو غريب وغوانتانامو، عندما أكدت أن القوانين والسياسات والممارسات الأمريكية التي تحكم وتنظم اعتقال المتهمين بالإرهاب ومعاملتهم ومحاكمتهم قد تطورت بشكل مهم خلال السنوات الخمس الماضية.ويأتي قيام وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) بإتلاف أشرطة التحقيق مع معتقلين في غوانتانامو، واحداً من الأعمال والأفعال الأمريكية التي تحاول من خلالها طمس عمليات التعذيب اللاإنسانية التي مارسها المحققون الأمريكيون بحق المعتقلين وبغض النظر عن انتماءاتهم، حيث قالت صحيفة واشنطن بوست إن ال سي آي إيه تخلصت من أدلة على نشاط إجرامي عندما أتلفت أشرطة تحقيق جرى مع اثنين من المعتقلين، واصفة ذلك التصرف بأنه جريمة، وأضافت أن تأكيد مدير وكالة المخابرات المركزية مايكل هايدن على أن الخوف من تسرب الأشرطة واستخدامها من قبل القاعدة ضد المحققين هو الدافع الحقيقي لإتلافها، أمر لا يمكن تصديقه، لا سيما أن ال سي.آي.إيه ماهرة في حفظ الأسرار وحماية عملائها دون تدمير المواد القيمة.وبعيداً عن التعليقات الصادرة من الجانب الأمريكي بمافي ذلك وسائل الإعلام الأمريكية التي اعتبرت هذا الفعل جريمة وازدراء بالقانون، فإن المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان أثارت هذه القضية ودعت الى محاسبة الذين يقفون وراءها قانونياً، إذ دانت منظمة العفو الدولية الإجراء معتبرة أنه عرقلة لعمل القضاء وإخفاء أدلة، مشيرة إلى أن الكثير من الشهادات أظهرت أن سجناء السي.آي.إيه أخضعوا لتقنيات استجواب قريبة من التعذيب.وقالت منظمة الدفاع عن الحريات المدنية (أكلو) إن إتلاف الأشرطة يندرج على ما يبدو في إطار عام تستغل فيه السلطة التنفيذية نفوذها بشكل سيئ لتجنب أن يلاحق أشخاص بتهمة التعذيب وسوء المعاملة، فيما ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن إتلاف الأشرطة غير قانوني لأنه يمثل ببساطة تدميراً لدليل مادي، وانتقد أحد مستشاري تلك المنظمة التي تعنى بحقوق الإنسان وتتخذ من نيويورك مقراً لها تبرير هيدن لتلك الخطوة وقال إن ذلك التبرير مخادع.والشيء الذي ليس غريباً هو أن إدارة بوش أوعزت إلى أعضائها بتحاشي الخوض في هذه القضية.وكان البيت الأبيض رفض مراراً الكشف عن الطرق التي تستخدمها الاستخبارات في التحقيق مع المعتقلين على ذمة الإرهاب، وأكد في أكثر من مناسبة أن أمريكا لا تمارس التعذيب، لكن الشواهد والأحداث التي مرت واشتهرت بفظاعاتها، تؤكد ان أمريكا تبتكر أساليب في التحقيق أو بالأحرى التعذيب غير إنسانية وغير أخلاقية معاً، ومن هذا التأكيد والواقع يظل نفي وإنكار البيت الأبيض لممارسة التعذيب حيال المعتقلين مجرد نكتة سمجة لاتستحق من أحد سماعها[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"