تفجير «داعشي» في غزة

03:07 صباحا
قراءة 3 دقائق
تدرك الشعوب الإسلامية والعربية في كل بقاع الأرض أن تنظيم «داعش» الإرهابي هو تنظيم غير إسلامي، والإسلام بريء منه، وجرائمه تتعارض كلياً مع أبجديات التعاليم الإسلامية والقيم الإنسانية، فهو منذ بداية تأسيسه يحمل أهدافاً وأجندات لقوى الشر العالمية، والتي ظاهرها يحمل شعارات مزخرفة، وفي باطنها يعمل للسيطرة على الدول وتدمير الاستقرار الإقليمي والدولي.
انكشفت مطامعهم وغاياتهم، فهذا التفجير «الداعشي» في فلسطين في قطاع غزة أثبت للعالم أن من أهدافهم الرئيسية استهداف الدول الإسلامية والعربية، ومن أسباب نشأة هذا التنظيم هو قتل المسلمين، وتشويه سمعة الدين الإسلامي عند الغرب بإبرازه كدين إرهابي، «فداعش» والمحتل الصهيوني وجهان لعملة واحدة، هدفهما واحد، فأنت أيها «الداعشي» الإرهابي تُعين أخاك الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
يعمل تنظيم «داعش» الإرهابي جاهداً اليوم وبعد الضرر الكبير الذي لحق بمرتزقته في العراق على تجنيد أفراد في الدول الأوروبية عن طريق الخلايا النائمة والذئاب المنفردة، لطمس وتدنيس سمعة الدين الإسلامي، وذلك عن طريق عمليات الدهس والتفجيرات التي يقوم بها، ويستخدم فيها الشباب المسلم العاطل عن العمل والمقيم في هذه البلدان. يتم تجنيدهم بطرق إغراء مختلفة، كما يتم إغراء مرتزقتهم في مواقع الحروب والنزاعات مثل العراق وسوريا، باستخدام شعارات الجهاد والاستشهاد ومكاسب العالم الآخر، والتي يفصّلونها على مقاساتهم، وديننا الإسلامي الحنيف بريء منهم، وكذلك يتم إغراؤهم بالمال والنفوذ وهوية جديدة يستندون إليها، ولكن في النهاية، المجند إما أن يقتل في العملية، أو على رصيف برصاص الشرطة، أو عن طريق التنظيم «الداعشي»، أو يكون خلف القضبان مدى الحياة، ولم يحقق هذا التنظيم الإرهابي لأتباعه أي حياة إنسانية كريمة، بل جميع أتباعه اليوم إما في عداد الأموات، أو خلف القضبان، أو منبوذون من كل البشر.
وبعد مقتل العديد من قواتهم المرتزقة في العراق وسوريا وهرب الجزء الأكبر منهم بسبب غدر قادتهم، انعدمت الثقة في صفوف التنظيم الإرهابي، واليوم يتم التركيز على الخلايا النائمة والذئاب المنفردة في الدول الأوروبية، التي تحظى باهتمام بالغ من القيادات العليا في التنظيم الإرهابي، وتشكل خطراً على المجتمعات، فهذه الوحوش تسعى لإيقاع خسائر بشرية جسيمة، فقتل الناس الأبرياء عندهم صفقة يتمنونها لأجل مخططات قوى الشر، وإذا دخلنا في تفاصيل أسباب الصفقات الإرهابية نجدها ضد الإسلام والمسلمين، فهم اليوم في أوروبا باسم الدين يحاربون الإسلام، وينشرون الكراهية ضد المسلمين، سواء من مواطني الدول الأوروبية أو الجاليات المسلمة المقيمة هناك.

العمليات تسير بشكل شيطاني منظم، تحدث عملية إرهابية بقتل الأبرياء في تجمع سياحي في مكان حيوي، ينتج عنها قتل الأبرياء، وتتبناها «داعش» باسم الدين الإسلامي، وبعدها يأتي يميني متطرف من أبناء الدول الأوروبية، فيصبّ غضبه على فتاة مسلمة محجبة في الشارع أو على مسن مسلم. بهذا يحقق التنظيم أهداف قوى الشر عن طريق زرع الفتنة والكراهية تجاه المسلمين، والتحريض على الصراع والحروب والقتل الوحشي وجرائم الإبادة والاغتصاب، وهذا ما يجعل هذا التنظيم من أخطر التنظيمات الإرهابية التي عرفها التاريخ.
للأسف، تعتبر اليوم هذه الدول الأوروبية أراضي خصبة للتيارات المتطرفة وخلايا الإرهابيين، بسبب عدم وجود قوانين صارمة لملاحقتهم قانونياً، مع وجود منظومة ضبابية لحقوق الإنسان والديمقراطية، هذه الضبابية التي فتحت للتيارات اليمينية المتطرفة المجال للصعود ومحاولة الوصول إلى رأس السلطة في بعض هذه الدول، وسمحت للخلايا الإرهابية بالتجمع والتخطيط دون مراقبة وملاحقة، وإن أغلبية منفذي هذه العمليات قد تمت محاكمتهم لأسباب إرهابية مشابهة، كما هو حال هجمات باريس 2015، حيث كان أغلب منفذي الهجمات محكوم عليهم وفي قائمة تهديد الأمن العام.
ما حدث قبل أيام قليلة في غزة وبرشلونة وقبلها في مناطق عدة هو وجه الإرهاب الأسود الذي لا يفرق بين دين ولا لون ولا لغة، بل يستهدف البشرية جمعاء، ويقتل الأبرياء بدم بارد، وإن محاربة الإرهاب تحتاج إلى قطع دابر هذه المنظمات في مهدها، ووقف التمويل المباشر من أي مصدر، وعلى المجتمع الدولي أن يضع استراتيجية جادة لمحاربة التنظيمات الإرهابية وخلاياها النائمة وذئابها المنفردة في كل العالم، وأن يدرك أن الإرهاب بمختلف أشكاله والتطرف والكراهية سرطان العصر ينتشر في كوكب الأرض بسرعة، ويقتل الأبرياء في كل البقاع، وإن الوقت قد حان ليقف العالم متحداً وبجدية ضد جميع الأيديولوجيات والتنظيمات المتطرفة.
سلطان حميد الجسمي
[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"