حديث المؤامرة

06:23 صباحا
قراءة 3 دقائق
عاصم عبدالخالق

الفكرة الشائعة هي أن المؤامرات السياسية تكون خبيثة أو شريرة دائماً، غير أن المؤامرة التي يحيكها دهاة الحزب الجمهوري الأمريكي، لحرمان دونالد ترامب من الفوز بترشيح الحزب للانتخابات الرئاسية، تثبت وجود نوع حميد من المؤامرات، حتى لو جاءت ناضحة بالخبث والدهاء.
كهنة المعبد الجمهوري لا يخفون تربصهم بالملياردير المغامر القادم من خارج المؤسسة، والذي لم يكتفِ باقتحام حزبهم، بل تصدر السباق بجدارة بفوزه في 15 جولة انتخابية من أصل 24، جرت حتى الآن.
قبل التطرق إلى حديث المؤامرة التي تحاك ضد ترامب، وهي للعلم ليست سرية، نشير أولاً إلى حقيقة نجاح هذا المرشح المشاكس في اختراق صفوف الحزب الجمهوري والتغلغل إلى قلبه. ولفهم كيف فعل ذلك لابد من معرفة طبيعة تركيبة هذه المؤسسة السياسية المهمة.
يتكون الحزب من 4 كتل كبيرة تتنوع على أساس عقائدي سياسي أو ديني. الكتلة الأولى تتكون من المعتدلين، وهم النواة الصلبة للحزب، وهؤلاء يفترض أنهم أكثر من يشعر بالقلق، من توجهات ترامب العنصرية، وأفكاره السياسية المشوشة، وضحالة معلوماته عن القضايا السياسية المهمة داخلياً وخارجياً. الكتل الثلاث الأخرى تضم الإنجيليين (البروتستانت الإنجيليكيين) وحزب الشاي اليميني، والكاثوليك الملتزمين. وتشكل الكتلتان الأولى والثانية ثلثي القاعدة الجمهورية، بينما يبلغ حجم تمثيل كل من الكاثوليك وحزب الشاي 15% لكل كتلة.
وتشرح مجلة «نيشين» كيفية تلاقي وتفاعل هذه الكتل، بقولها: إنه في العديد من القضايا يتحد حزب الشاي مع الإنجيليين. بينما تتقارب عادة مواقف المعتدلين مع الكاثوليك. وفي النهاية يحدث التوازن بنسبة 50% لكل طرف. وهذه المجموعات الأربع يوحدها شيئان أساسيان هما الكراهية العميقة للحزب الديمقراطي، والقلق البالغ أو الخوف من المهاجرين.
وتوضح الاستطلاعات أن ترامب نجح في اختراق الكتل الثلاث، بعد أن كان تأييده منحصراً في حزب الشاي فقط.
رغم هذا التفوق لترامب سواء في الانتخابات أو الاستطلاعات، فإن قادة الحزب يعتقدون أنه ما زال بوسعهم حرمانه من الفوز بترشيح الحزب. ولديهم لتحقيق هذا الهدف الصعب سيناريوهان: الأول هو استمرار المرشحين الثلاثة المنافسين له في السباق لتفتيت أعداد المندوبين بين المتنافسين الأربعة، وبالتالي تفويت الفرصة على ترامب للحصول على العدد المطلوب من المندوبين للفوز بترشيح الحزب، وهو 1237 مندوباً، وفقاً للنظام الانتخابي.
السيناريو الآخر، يقضي بإقناع اثنين من المرشحين الثلاثة المنافسين لترامب بالانسحاب لصالح الثالث الذي سيستفيد من دعم مؤيدي ومندوبي المرشحين المنسحبين، وترجيح كفته على ترامب. والأرجح أن المتبقي في هذه الحالة سيكون كروز، رغم أن روبيو هو المرشح المفضل للمؤسسة الجمهورية، لكن نتائجه المخيبة للآمال تجعل من الرهان عليه مخاطرة كبيرة. وقد نشرت صحيفة «واشنطن بوست» قبل أيام تفاصيل مهمة عن مؤامرة الجمهوريين تلك، نقلاً عن مذكرة أعدتها جماعة للضغط السياسي أسستها واحدة من مساعدي ميت روميني، المرشح الجمهوري في انتخابات 2012. المذكرة تنطلق من الواقع الذي آلت إليه العملية الانتخابية منذ بدايتها، وإلى ما قبل الجولة المهمة التي ستُجرى غداً، الثلاثاء، في 5 ولايات هي فلوريدا، وأوهايو، وميسوري، ونورث كارولاينا، وإيلينوي. أهمية هذه المرحلة هي أن الولايات المشاركة فيها ستمنح للمرشح مندوبيها على أساس قاعدة «الفائز يحصل على الكل». أي من يفوز بأعلى الأصوات يحصل على كل المندوبين لهذه الولاية، في بعضها يحصل على أغلبهم، خلافاً للولايات السابقة، التي كان يتم توزيع مندوبيها بنسبة الأصوات الحاصل عليها كل مرشح.
ووفقاً لدراسة اللجنة، فإن فرص روبيو تبدو أفضل في فلوريدا التي ينتمي إليها. بينما يتقدم كاسيتش في ولايته أوهايو، وهما أهم ولايتين في الخمس. وتبين الحسابات المعقدة التي تعرضها الدراسة أنه من الممكن إيقاف تقدم ترامب حتى لو فاز في واحدة من الولايتين أو كلتيهما.
ومن دون الدخول في تفاصيل، قد لا تكون مهمة للقارئ العربي، فإن المحصلة توضح أنه إذا فاز ترامب في الولايتين، سيكون في حاجة إلى أقل من 52%، من المندوبين المتبقيين ليصل للعدد المؤهل للترشح. أمّا إذا خسر أوهايو، وكسب فلوريدا فسيحتاج إلى 59% من أعداد المندوبين المتبقيين. وإذا خسر الولايتين سيكون في حاجة إلى 69% من الأصوات، وفي هذه الحالة ستكون مهمته شبه مستحيلة، وستتحول إلى مهمة مستحيلة تماماً، إذا خسر إيلينوي مع الولايتين السابقتين. خلاصة ما تذهب إليه الدراسة، هو أن فرص ترامب ليست بالسهولة التي توحي بها انتصاراته المتكررة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"