عالم يفقد صوابه

04:52 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

عندما تقول المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: إن بلادها ستقابل أي هجوم صاروخي من الغواصات الأمريكية بضربة نووية روسية؛ فذلك يعني أن منسوب التوتر في العلاقات الدولية، بدأ في الارتفاع في الفترة الأخيرة؛ بفعل تداعيات انتشار وباء فيروس «كورونا» القاتل، وما يستتبعه من انكماش اقتصادي، ومخاوف من أزمات اجتماعية واسعة، تبدأ من تفاقم معدلات البطالة إلى ما هو أسوأ.
في بعض الأحيان تصدر تصريحات عن مسؤولين في الدول النووية الكبرى، وقد توصف بأنها زلة لسان، أما ما عبرت عنه زاخاروفا فيصدر عن موقف مبلور بدقة؛ بل ويستند إلى «تهديدات محتملة» وتصريحات أمريكية متوالية، تتعلق بخطط لتزويد بعض الصواريخ البالستية المحمولة في الغواصات برؤوس نووية منخفضة القوة، ولا تبعث هذه «الأسطوانة الجديدة» على الارتياح، وتؤشر إلى دفع العلاقات الدولية نحو التوتر، بدليل أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد أعلن، قبل فترة، أن إنتاج شحنات نووية منخفضة الطاقة؛ يؤدي إلى تلاشي العتبة النووية، وهو أمر خطر للغاية على العالم بأسره؛ لأنه سيؤدي إلى كسر القواعد والتفاهمات المبرمة بين مختلف الأطراف، وإذا استمرت الحال في هذا التداعي؛ فستكون العاقبة انهياراً للنظام الدولي القائم، ويبدو أنه يتجه إلى ذلك المصير؛ بفعل التطورات الأخيرة، وأهمها انتشار فيروس «كورونا» الفتاك الذي أدخل المجتمع الإنساني في نفق مجهول الخاتمة حتى الآن.
الردود الروسية على التحرشات الأمريكية ليست الأولى من نوعها؛ لكنها في السياق الجاري؛ تعد خطرة ومخيفة. وإذا كانت الحرب لن تقوم غداً، فربما أخذت اتجاهها إلى لحظة الانفجار المفترضة في أي وقت، لا سيما وأن المجتمع الدولي كله متوتر، ويكاد يفقد صوابه؛ جرّاء الأزمة الصحية الطارئة. وما يجعل المستقبل مخيفاً أن بعض التصريحات والتراشق السياسي ليس مريحاً على الإطلاق؛ ومن ذلك ما يصدر عن المسؤولين الأمريكيين ونظرائهم الصينيين حول فيروس «كورونا» المستجد، فبعض التهديدات يمكن أن تكون من باب الضغط الدبلوماسي أو التبجح السياسي في الظروف العادية، أما في مثل هذا الظرف الذي يموت فيه الآلاف يومياً؛ جرّاء الفيروس في المستشفيات وخارجها، وتنهار الاقتصادات بصورة دراماتيكية غير مسبوقة فلا مجال للترف في القول، فرب كلمة واحدة؛ فجرت حرباً في الماضي، وهو ما يمكن أن يتكرر في المستقبل القريب. أولم تنبه الخارجية الصينية، المسؤولين الأمريكيين إلى ضرورة توخي الحذر في ما يتلفظون به تجاه بكين؛ بسبب المزاعم عن فيروس كورونا؟
كلما طالت محنة البشرية في ظل هذه الأزمة الصحية؛ تسوء الأوضاع والعلاقات. ومع اتساع نفاد الصبر؛ تصبح المخاطر المستبعدة سابقاً ممكنة في الوقت الراهن، بدليل أن بعض التقارير الاستشرافية، لا تستبعد نشوب حرب كبرى بعد انقضاء أزمة «كورونا»؛ ولأن الذهاب في الاتجاه المدمر لن يجلب الخير لأي من الدول المعنية بالصراعات. كما أن تصعيد التأزم الحالي إلى نزاع مسلح، يعني أن العبرة من فيروس «كورونا» لم تحصل ولم يتعظ منها أحد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"