ماذا بقي للتفاوض؟

03:36 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

مستغلاً الذكرى المئوية لمؤتمر سان ريمو الذي عقد في عام 1920، بمشاركة الدول الاستعمارية التي خرجت منتصرة من الحرب العالمية الأولى، لتقسيم منطقة الشرق الأوسط، وتعزيز «وعد بلفور»، يأبى رئيس الوزراء «الإسرائيلي»، بنيامين نتنياهو، إلا أن يؤكد البديهيات المعروفة، وأبرزها أن «إسرائيل» ما هي إلا الابنة غير الشرعية، للتزاوج بين الحركة الصهيونية، والقوى الاستعمارية الغربية، ففي تصريحات له بهذه المناسبة، جدد رئيس حكومة الاحتلال، مطامعه بضم غور الأردن، والمستوطنات في الضفة الغربية.
وأعرب نتنياهو عن قناعته بإمكانية تنفيذ مخطط ضم غور الأردن، والمستوطنات «الإسرائيلية» في الضفة الغربية المحتلة، إلى «سيادة» دولة الاحتلال، وتطبيق القانون «الإسرائيلي» فيها، خلال الأشهر المقبلة، مضيفاً أنه «مقتنع بأنه سيتم احترام وعد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بضم مناطق في الضفة الغربية المحتلة ل«إسرائيل»، وقال: إن «خطة ترمب (صفقة القرن) اعترفت بحقها في الضفة الغربية، والرئيس ترمب تعهد بالاعتراف بالسيادة «الإسرائيلية» على المستوطنات اليهودية هناك، وفي غور الأردن، وأن هذا الوعد سيتحقق للاحتفال في لحظة تاريخية أخرى في تاريخ الصهيونية».
ومن الطبيعي أن يعتبر نتنياهو ضم المستوطنات وغور الأردن لحظة تاريخية بالنسبة إلى الحركة الصهيونية، في حديثه بمناسبة مؤتمر سان ريمو، ذلك أن هذا المؤتمر الذي عقده المجلس الأعلى للحلفاء بعد الحرب العالمية الأولى، في مدينة سان ريمو، في إيطاليا، تم بحضور وفد يهودي مكوّن من حاييم وايزمان، وناحوم سوكولوف، وهربرت صموئيل، الذين قدموا أفكاراً تهدف إلى ترجمة وعد بلفور الصادر في عام 1917، والذي مهد فيما بعد لإقامة «إسرائيل» في المنطقة، بعد تقسيم المشرق العربي، لضمان استمرارها.
وإذا ما علمنا أن نتنياهو في اتفاقه الأخير مع رئيس حزب «كاحول لافان» بيني جانتس، لتشكيل «حكومة طوارئ قومية»، وأن هذا الاتفاق ينص أيضاً على البدء بطرح مشروع قانون لضم غور الأردن والمستوطنات «الإسرائيلية» في الضفة الغربية، مطلع يوليو/ تموز المقبل، والاتفاق على قانون القومية، الذي يؤكد على يهودية «الدولة»، نستطيع القول إن تصريحات نتنياهو هذه المرة، وإن كانت مكررة، إلا أنها تشبه وضع حجر الأساس للسياسة «الإسرائيلية»التي ستتبعها دولة الاحتلال، في المرحلة القادمة، والتي ستستند إلى محاولة فرض الأمر الواقع على السلطة الفلسطينية، التي تبدو في هذه المرحلة، على الأقل، غير قادرة على اتخاذ موقف فاعل ومؤثر، في حال المضي قدماً في تنفيذ ما صرح به نتنياهو، لأن ما تمارسه الطغمة العسكرية «الإسرائيلية»، من سياسات عنصرية، بدعم مباشر من القوى الاستعمارية الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لا يمكن وقفه من خلال البيانات، والخطابات التي تكرر رفض السلطة الفلسطينية لهذه السياسة، وإنما يحتاج في الواقع إلى خطوات عملية على الأرض، عبر إيقاف الاتفاقيات مع دولة الاحتلال، وإنهاء التنسيق الأمني، أو حل السلطة الفلسطينية، وهي خطوات يبدو أنها لا تزال مستبعدة، في ظل مراهنات البعض على السلام مع الاحتلال، ومواصلة سياسية المفاوضات التي لا تنتهي.
لكن، ورغم ضعف الموقف الفلسطيني الرسمي، الذي تمثله السلطة الفلسطينية المكبلة باتفاقيات «أوسلو» وما بعدها، إلا أن أحداً لا يمكنه تخيل استمرار الشعب الفلسطيني صامتاً إزاء ما يجري من انتهاكات شبه يومية لكل حقوقه الوطنية، والسياسية، لا سيما بعد اعتراف نتنياهو في تصريحات له في فبراير/ شباط الماضي، بأنه حتى الخطة الأمريكية هي خطة تعجيزية للفلسطينيين، وبأن الاحتلال، والولايات المتحدة، وحدهما سيقرران ما إذا استوفى الفلسطينيون شروط قيام دولة فلسطينية، أم لا.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو أنه إذا ما أقدم الاحتلال «الإسرائيلي» على ضم المستوطنات اليهودية، وغور الأردن، بعد الاعتراف الأمريكي بيهودية الدولة، وبالقدس عاصمة موحدة للاحتلال، إلى محاولات إلغاء حق العودة، وغيرها من الإجراءات، ماذا سيتبقى للفلسطينيين للتفاوض عليه من أرضهم، وتاريخهم، ومستقبلهم؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"