العتاب راحة للنفوس تصون العلاقات

يضرر وابط الأشقاء أحياناً
00:31 صباحا
قراءة 4 دقائق

تمتد العلاقات بين الأصدقاء سنوات طويلة وربما تستمر مدى الحياة، إنما قد تصيب تلك العلاقة بعض الشوائب، فإما أن يقفل الملف بكلمة عتاب، وإما ان يبقى مشرعاً للخلافات وإسقاط كل حلول المصالحة، ولكل اختياره.

عالم الصداقة واسع، والعتاب إحدى عتباته وهو أمر لا بد منه لصفاء القلوب وإراحة النفوس. هذا ما عبر عنه الطالب الجامعي حسن عرار، مشيراً إلى ان عتاب الآخرين يظهر مدى حرصهم على مصلحتنا ورغبتهم في أن نكون دائماً الأفضل في نظرهم.

ويرى حسن ان هناك فرقاً شاسعاً بين العتاب بطريقة لطيفة تجعل الطرف الآخر يتقبله وبين التوبيخ واللوم الذي ينفره ويدفعه إلى التصرف بطريقة عكسية، لذلك فإن استخدام الأسلوب المناسب عند المعاتبة وتقديم النصيحة من أهم العوامل المؤثرة التي تجعل أصدقاءنا إما أن يتقبلوا عتابنا والعمل به أو رفضه.

الصديق الحقيقي هو من يعاتب صديقه، فالعتب على قدر المحبة، هكذا يقول الطالب الجامعي احمد حمود، ليؤكد أن معاتبة الصديق صديقه تفتح عينيه على أخطائه فيتداركها، ولذلك يفضل أحمد أن يعاتبه صديقه ليعرف عيوبه على أن يتركه فريسة لهذه العيوب فيتمادى فيها من دون قصد.

والعتاب وسيلة يتبعها الإنسان او الصديق في علاقاته الاجتماعية حيث تحقق هذه الوسيلة غايتها في إراحة نفوس المتخاصمين، هكذا ترى زمان طليس التي تؤكد أن العتاب فرصة يجب أن يستغلها الأصدقاء لتصفية الخلافات فيما بينهم لأنه يضع النقاط على الحروف ويساعد الطرفين على معرفة ماهية الخلاف والحفاظ على صداقتهما. وكشفت زمان ان العدو الأول والأخير للإنسان هو الحقد، وبرأيها العتاب هو الحل الوحيد والناجح الذي يستطيع من خلاله الأصدقاء القضاء على هذه الآفة السيئة. لذلك لا بد للأصدقاء من فتح المجال أمام أصدقائهم لكي يتمكنوا من طرح وجهة نظرهم فلا تتحول الحياة إلى أفق مغلق لكل فرد فيها.

ويقول الطالب الجامعي حمزة صبرا: مهما تعددت أساليب اللوم والعتاب وتنوعت بين المزاج والجدية يبقى لها هدفها الوحيد وهو إظهار الانزعاج من أمر ما حصل والتعليق عليه والعتاب باللين والنقاش والحوار يوصل الفكرة بطريقة أفضل، فلا يجب أن نضع صديقنا موضع المتهم فنضطره للدفاع عن نفسه ويبدو كأنه يبرئ شخصه من تهمة مؤكدة. لذلك فإنه عندما يعاتب صديقه يحدد بدقة الأشياء التي سببت الانزعاج منه، ولا يشتت أفكاره بكل الأمور المتراكمة مع التهذيب والابتعاد عن التجريح في حق صديقه. فالعتاب والمناصحة سمة من سمات الصداقة الناجحة.

وتوافقه الرأي الطالبة مسا، فالعتاب يكون فعالاً وإيجابياً في إزالة الخصام والنفور بين الأصدقاء إذا عرف الصديق كيف يستخدمه في الوقت والأسلوب المناسبين، لذلك تعاتب بصوت هادئ دون انفعال وتحاول ألا يزيد عتابها على حد معين وألا يتحول كلامها لنوع من التوبيخ والهجوم غير المحبب، وتتذكر دائماً انها تعاتب ولا تشاجر وهذا يفترض الابتعاد عن الكلمات النابية والجارحة، فتنتقي ألفاظها بعناية حتى لا تصل الأمور إلى الطريق المسدود.

العتاب ليس اسلوباً فعالاً في جميع الحالات، هذا ما أوضحته الموظفة فيروز الصايغ من وجهة نظر خاصة ومغايرة، وفي رأيها يختلف العتاب باختلاف الموضوع والأشخاص، فإذا لم يكونوا أهلاً لتوجيه العتاب فمقاطعتهم أولى لأنها الوسيلة الوحيدة للحفاظ على كرامتي مع أصدقاء لا تعني لهم الصداقة سوى كلمة فارغة من معناها، مشيرة إلى ابتعادها قدر الإمكان عن الحقد أو الكره تجاههم.

وفي السياق ترى الطالبة رانيا غبريس أن الابتعاد عن العتاب الوسيلة الفضلى لتجنب المشاكل والخلافات، مشيرة إلى أن مجتمعنا لا يتقبل العتاب لا من قريب ولا من بعيد لأن حرية التعبير التي رسمها الإنسان العصري لنفسه جعلته يرفض أي عتاب او نصيحة ارتباطاً بحقه الذي يحرره من كل قيد او شرط وبأنه دائماً على حق. مع أمثال هؤلاء القطيعة والابتعاد أفضل من العتاب غير المجدي.

الأصدقاء مهما حسنت أخلاقهم وقويت علاقات الود بينهم، يبقون عرضة للخطأ والتقصير هذا ما أوضحته الاختصاصية في علم الاجتماع نورا زينو، وقالت اذا بدرت من أحد الأصدقاء هفوة في قول او فعل، فعلى الصديق، اذا كان واثقاً من حبه وإخلاصه أن يتغاضى عن إساءته، ويصفح حرصاً على الصداقة، وإذا كان لا بد من العتاب بين الأصدقاء فالأفضل ان يكون بطريقة حسنة ولطيفة. وأكدت نورا أن العتاب ضروري في بعض الأحيان.. ولكن كلما قل عظمت اهميته وحسن وقعه في نفس السامع. والعتاب الظاهر خير من الحقد الباطن وفي الوقت نفسه الثقيل فيه يكثر من أضراره.

وبينت زينو أن درجة العتاب تختلف من شخص إلى آخر ومن حدث إلى آخر يساعد على ذلك التربية التي ينشأ عليها المرء وطريقة معالجته للأمور التي يراها خطأ.

ورأت أن عتاب الأخوة هو الأصعب والأكثر حساسية، وقالت: العلاقة القائمة بين الأخوة حساسة باعتبار الحياة المشتركة التي كانت تجمعهم طوال حياتهم وقد يتسبب العتاب بين بعض الأخوة بالفرقة الطويلة الأمد ومرد ذلك إلى طبيعة التربية الخاطئة البعيدة عن الألفة والمحبة التي جمعتهم منذ الطفولة، أضافت: في حال المعاتبة بين الأخوة يجب على الأخ ان يدرك إذا كان أخوه يتقبل العتاب ويتفهم معناه، وإذا كان عكس ذلك فالأفضل تركه وعدم معاتبته خشية تحويل المسألة من مشكلة صغيرة إلى كبيرة ترخي بمساوئها على العلاقات الأسرية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"