تقليعات إلكترونية!

عنكبوتيات
00:15 صباحا
قراءة دقيقتين

هاجسها الأول؛ صياغة أناقتها وإبراز جمالها وتفعيل جاذبيتها بأي طريقة ولو حتى بوسائل تقنية، هذه هي المرأة الباحثة دائماً عن كل جديد، والشغوف أبداً بزينتها التي كان الجوال آخر المنضمين إلى عالمها اللوني، فشكّل ميدان تنافس جديد للجنس اللطيف لإبراز أناقة من نوع آخر.

وفي عالمنا اليوم الذي نتخبط في تقنياته الغريبة والعجيبة باتت سيدة القرن الحادي والعشرين تتجمل بالإكسسوارات الإلكترونية كما كانت تتجمل جدتها في الماضي بألوان وعطور وعقود وأقراط ومساحيق. فجاءت تلك البصمات النسائية في عالم الإلكترونيات لتضفي بعداً جديداً على هذا العالم، وتدخله في إطار من الزخارف الجميلة، والألوان الساطعة، والمقتنيات الثمينة.

وبجولة على أسواق الدولة يذهلك الكم الهائل من الأسواق والمتاجر التي تخصصت في تقديم الجديد من مكملات الزينة للهاتف الجوال، إضافة إلى أشكال وألوان غريبة وعجيبة من جوالات أقل ما يقال عنها إنها نسخ من تلك الأدوات التي اكتظت بها أفلام هوليود الخيالية، وجميعنا يلاحظ تنامي فلسفة الاعتناء بالمظهر والشكل لا بالمضمون وباتت استهلاكية الترف تطغى على إحداثيات تلك الآلة الاتصالية!

وتجدر الإشارة إلى أن غطاء الجوال كان يعد من الكماليات التي لم تكن ذات أهمية حين تم طرح الجوال في الأسواق، إلا أنه اليوم يشهد طلباً متزايداً مع تنوع ألوانها وإضاءتها ورخص أسعارها، وغالباً ما تعمد السيدات إلى شراء تشكيلة واسعة من الأغلفة المتنوعة الألوان التي تلبي حاجتهن اليومية ولا تفسير لذلك سوى أن طبيعة المرأة ذواقة وتسعى دائماً وراء الموضة واقتناء كل ما هو جديد وسعيها الدائم للفت الأنظار، مما يولد انطباعاً لدى الآخرين بمدى مواكبتها لكل التطورات.

ومن جهتهم يرى الباحثون أن المرأة التي تبحث عن التجديد في ألوان ملابسها وأشيائها الخاصة قادرة على إنجاز مهامها اليومية بنجاح تام مقارنة بمن حولها من النساء، فهي تملك روحاً متجددة العطاء، ومتميزة الأداء. ولكن هل نستطيع التعميم فنقول إن المرأة التي تبحث أيضاً عن التجديد في ألوان أغلفة هاتفها تتميز بهذه الصفات أيضاً، خصوصاً إذا ما علمنا أن تكلفة ترصيع الجوال بالألماس تتراوح بين ثلاثة آلاف وعشرة آلاف درهم في حدها الأدنى؟!

آخر الهمس: تجدر الإشارة إلى محاولات الكثيرين من علم السلوك البشري تفسير هذه الظاهرة التي تحولت إلى موضة يقتدي بها الكثيرون، فهناك من يضعها في خانة تقليد الطبقة الميسورة لإعطاء انطباع مغاير لما هو عليه واقع الحال. وبعضهم يعدها من أنواع لفت الأنظار لإعطاء صورة جمالية أكثر من ضرورية لإكمال الإطار (المظهري).

بينما يبرز رأي ثالث يصنف هذه الظاهرة بالهروب من هدف يستحيل تنفيذه إلى هدف سهل المنال، وهو أحد أنواع التغيير ولو من أضيق أبوابه. وذلك لتنفيس احتقان نفسي قد يتأتى من ضائقة مالية أو وضع اقتصادي متدهور. ولكن مما لا شك فيه أن طبيعة المرأة التواقة إلى مواكبة أساليب الموضة العالمية هي السبب الأساسي في انتشار هذه الظاهرة، بالإضافة إلى حاجتها إلى التجديد ولفت الأنظار والهروب من (شرنقة الروتين) التي فرضتها عليها ظروفها الخاصة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"