العمل عن بُعد

04:15 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

سريعة هي تطورات الأوضاع التي يشهدها العالم في ظل انتشار فيروس كورونا الجديد، ففي الأمس القريب علقت معظم الدول الدراسة في مختلف مراحل التعليم ضمن إجراءات احترازية وتدابير وخطط طالت مختلف القطاعات، لوقاية المجتمعات من تداعيات انتشار (كوفيد - 19).
وتبقى منظومة العمل، ومنهجية إدارتها، الشغل الشاغل لدى القيادات والحكومات، ولا سيما أن تطورات الأوضاع، مع وجود هذا الفيروس الذي صنفته منظمة الصحة العالمية على أنه وباء عالمي، تدعو إلى استحداث المزيد من الإجراءات والسياسات التي من شأنها حماية المجتمعات، والمحافظة على إنتاجية القطاعات كافة.
نعم المعادلة صعبة، ولكن نظام «العمل عن بُعد» يعد فكراً جديداً لا يواكب في مضمونه متغيرات أثرت سوق العمل العالمي، وأفرزت صوراً جديدة للمهام والمسؤوليات، وأوجدت طبيعة مستحدثة للوظائف فحسب، بل يعد أيضاً أداة فاعلة في إدارة الأزمات، وكيفية احتوائها والتصدي لها، كما هو الحال في الوقت الراهن.
الإمارات حققت إنجازات نوعية في توظيف التكنولوجيا لتطوير بيئة العمل الداخلية، وتنمية رأس المال البشري، ووضعت أفضل الأنظمة والتشريعات والخبرات والممارسات العالمية في المجالات كافة، وجميعها مقومات تُمكن مؤسسات الدولة من التطبيق بمرونة ويسر، ورفع معدلات الرضا الوظيفي، وزيادة الإنتاجية، واستمرار مسيرة سعادة المتعاملين.
وفي خطوة إيجابية للتعامل مع التداعيات وتطورات المشهد الوقائي، لاحظنا خلال الأيام القليلة الماضية، بعض مؤسسات الدولة التي سمحت لموظفيها بالعمل عن بُعد، «تجريبياً»، وتستعد جهات أخرى لتطبيق النظام بين ليلة وضحاها، ولِم لا؟
إن إنتاجية معظم الموظفين عالمياً تعادل ثلث وقت العمل فقط، وينقضي باقي الوقت في أمور لا تتعلق بالإنتاج، والنظام يقلل التكلفة على المؤسسات والهيئات، ويساعد المرأة العاملة على تحقيق التوازن بين مهام وظيفتها، ومسؤولياتها الأسرية، والأهم أنه يحافظ على أمن وسلامة المجتمع في ظل وجود «كورونا».
ولكن لدينا أيضاً بعض التحديات التي ينبغي وضعها في الاعتبار في حال تطبيق هذا النظام، إذ ينبغي على المؤسسات تدريب الموظفين على كيفية التعامل مع التطبيقات والأنظمة الذكية عن بُعد، ووضع سياسات واضحة، ومعايير ممنهجة لضبط إيقاع الإنتاجية لدى الجميع، والالتزام بساعات الدوام وأداء المهام والواجبات، والأهم إيجاد قنوات تجمع جهود مختلف الجهات المعنية، لدحر مخاطر الشائعات التي قد تصاحب تطورات الأوضاع في المرحلة المقبلة.
«العمل عن بُعد» أمراً ليس مستحيلاً، وتطبيقه لا يعني أبداً توقف عجلة الإنتاج، أو التخاذل في أداء المهام والواجبات، ولكنه يعد أحد المظاهر التطورية في منظومة العمل، وما نحتاج إليه معايير تقيس إنتاجية الجميع عن بُعد، وتعامل المجتمع «أفراداً ومؤسسات» بمسؤولية، لنحقق إنجازاً جديداً في منظومة العمل، ونقضي معاً على وباء يسمى «كورونا».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"