حافلات ولكن؟

03:58 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري

هل كان «محمد فرحان، طفل حافلة مركز تحفيظ القرآن الكريم»، يعلم وهو يحفظ آخر آية في المركز، أنه سيسمعها للملائكة وروحه تصعد إلى السماء، وأن روحه ارتقت إلى بارئها، لأنه غفا أو «تلهّى»، فنسيه قائد الحافلة، أو أنه لم ينتبه إليه أغادر الحافلة أم لم يغادرها.
وإن كنا لا نريد استعجال التحقيقات في حادثة وفاة الطفل ذي السنوات الست، بعد بقائه في الحافلة تسع ساعات متواصلة، حتى عثروا عليه، فقضى اختناقاً؛ فهل يصعب على سائقها -أيّاً كان حجمها، ولأي جهة تتبع، وسواء كانت مدرسية أم تتبع مركزاً ما، أم تقل عمالاً- أن يقوم بجولة فيها، قبل أن يطفئ محركها ومكيفاتها، ويركنها في موقفها.
هل يجوز أن تبقى كل أسرة، في حالة تأهب وقلق يومي، وهي تنتظر هبوط ابنها من حافلة المدرسة، أو المركز الرياضي، أو مركز التحفيظ وغيرها من الأنشطة التي يقبل عليها الأبناء في الصيف، ويتنقلون منها وإليها بالحافلات؟ ومن يضمن ألّا يغفو هذا الطفل، وهو ذاهب إلى مدرسته، أو عائد منها، فينساه قائد الحافلة.
لا نريد أن نقلل من شأن أنظمة المراقبة والتطبيقات الذكية التي أطلقت هنا وهناك، لضمان سلامة الأطفال، ولكن وفي تسلسل زمني بين فقدان الأم لابنها، وتواصلها مع المدرسة، وتواصل إدارة المدرسة مع قائد الحافلة، لإبلاغه بأن هناك طالباً قد تأخر عن أسرته، ومع هذا الكم الكبير من الأطفال، هل سنلحق بالطفل وهو على قيد الحياة تحت لهيب شمس الصيف؟
حجم حركة طلاب المدارس الذين يستخدمون الحافلات، وقد يزيد عددهم على المليون يومياً، يستخدمون آلاف الحافلات في كل مدن الدولة وقراها ومناطقها، ومع شدة الازدحام في الشوارع، فإن اليقظة الأولى هنا، لا بد أن تكون من قبل من يدير هذا الأسطول، كأن تقوم إدارة كل مدرسة أو مركز، أو الجهة التي تتبع لها الحافلة، وقبل تسلمها من سائقها، وركنها، أو إطفاء مكيفاتها، بأن يعمل موظف مختص على تفتيشها وتفقد ما «نسي» فيها.
تحميل المسؤولية لجهة دون الأخرى في الوقت الحالي، فيه شيء من التسرع، ولكن هذا الأمر يتكرر بين وقت وآخر، وما على الجهات المعنية، وقبل ترخيص أي حافلة نقل، إلا إلزام من يشغلها بتزويدها بما يستطيع من أنظمة الحماية من كاميرات مراقبة، وتعقب خط سير، والمعاينة قبل «الركن».
الحادثة ليست بالأولى، ومسألة نسيان الأطفال والسهو عن متابعتهم، عواقبها وخيمة، ولعل ما كان يستره فصل الشتاء من حوادث، قد أتى فصل الصيف ليفضحه، حيث يدفع طفل في عمر الورد حياته ثمن حافلة استقلها، فيقوده الإهمال نحو مصيره المحتوم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"