مجموعات «الواتس آب»

03:03 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري

مجموعات «الواتس آب» بدأت تلعب دوراً كبيراً في مناحي الحياة كافة، وأصبحت تنتشر بكثرة بين كل أصحاب علاقة أو جماعة، يربطهم عمل أو صداقة أو حتى أمومة.
آخر «تقليعات» هذه المجموعات، أن أمهات يدرس أولادهن في مدرسة واحدة، ينشئن «جروبات» لتداول ما يدور مع أبنائهن خلال اليوم الدراسي، فيتباحثن في أمور الواجبات، والأنشطة التي تطلبها المدرسة من أبنائهن، وبعضهن يتداولن شهادات أبنائهن، وأخريات تطور معهن الأمر إلى أن قرار دوام الطالب، خاصة بعد أو قبل العطل الطويلة، بات يصبح بالاتفاق بين هذه المجموعات.
فائدة هذه المجموعات كبيرة، ولكن ضررها كبير أيضاً، وفوائدها قد تقع في نطاق ضررها نفسه، كأن تقرر أم أن لا ترسل ابنها إلى المدرسة، بسبب حالة الطقس، فتتشاور مع زميلاتها في «المجموعة» ويقررن معاً أن لا يرسلن أبناءهن في ذلك اليوم، أو أن يكون هناك يوم عمل بين عطل، فتجتهد أم في تبرير غياب ولدها، بأن تدعو باقي الأمهات إلى تغييب أبنائهن.
هذه «المجموعات» قد تدار بشكل أفضل مما هي عليه، وقد تكون فائدتها أكبر بكثير في حال ربطها بإدارة المدرسة، كان تزوّد الأخيرة أهالي الطلبة بالأنشطة الجماعية التي ترتبط بطلبة الفصل بشكل كامل، وأن لا تبقى إدارة «المجموعة» بيد واحدة من الأمهات.
هذه المجموعات بدأت تكثر، وحسناً فعلت الشركة «المزودة للخدمة» بأن جعلت نطاق عمل «المجموعة» محدداً برقم يصل إلى 250 شخصاً فقط، ولكن وجود هذا الكم في مكان واحد، كفيل بنشر خبر، أياً يكن، سلباً أو إيجاباً، على نطاق واسع في غضون دقائق، عبر نقله من مجموعة إلى أخرى، ثم ينتشر من «المجموعات» إلى وسائل التواصل الاجتماعي، فيتحول من الخاص إلى العام بشكل أسرع وأكبر.
هذه «المجموعات» تزداد انتشاراً، والتعامل مع وسائل التقنية سيبقى في تطور مطرد، ولن يتراجع، ولكن خطورة المسألة لم تتضح بعد، وبالتأكيد ستكون لها إفرازات خطرة ومقلقة، على أقل تقدير، في الزمن القريب أو المتوسط.
المشرِّع الإماراتي يُعتبر من أفضل المشرِّعين في المنطقة العربية، والجميع يعرف حجم البيروقراطية والترهل الذي تعاني منه الكثير من دولنا العربية، وهو ما تجاوزته الإمارات بأشواط عدة، حتى وصلنا إلى معادلة محكمة اليوم الواحد و«الأمر الجزائي».
إزاء هذا التطور، فإن قوانين جرائم تقنية المعلومات السارية الآن، لن تبقى كافية لمعالجة كل أوجه تطور التكنولوجيا، وخاصة برامج المحادثة ووسائل التواصل، ويجب أن يبدأ المشرِّع البحث في عملية الوقاية والتحسّب للمستقبل، لا الانتظار حتى وقوع الجرائم، ومن ثم البحث عن أوجه معالجتها، لأنه في هذه الحال لن تكون التشريعات قادرة على كبح جماح الجريمة، بل منظمة للعقاب الذي يستوجب بعد وقوعها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"