عادي

فيروز تلهب أكف السوريين في أول عروض “صح النوم”

00:17 صباحا
قراءة دقيقتين
شهدت دمشق أمس الأول (الاثنين) درّة احتفالات عاصمة الثقافة العربية 2008 حيث استضافت المغنية فيروز وسط جدل أشعله أفرقاء السياسة اللبنانيون، حين وضع بعضهم الحفل في سياق دعم الموقف السوري، فيما استنكر آخرون أن تتحول فيروز، المغنية التي بقيت دائماً على مسافة واحدة من اللبنانيين والعرب، إلى مركز تجاذب سياسي، وهي التي طالما جرى وصفها بأنها ذلك الصوت الموزع بالتساوي بين كل العرب. انتظر السوريون بفارغ الصبر رفع الستارة عن صح النوم، العنوان الذي تحمله مسرحية فيروز، التي قدمت في دمشق لأول مرة العام ،1971 ولعلها واحدة من مرات قليلة يصبح مجرد رفع الستارة (فعلاً لا مجازاً) حدثاً بذاته تدقّ معه قلوب المئات في انتظار تلك الصورة التي لا تمحى من ذاكرتهم وذاكرة آبائهم، صورة قرنفل، وهذا هو الاسم الذي حملته فيروز في الشخصية التي تؤدي دورها في العمل، وهي تحمل مظلتها، واقفة في مواجهة الوالي الذي لا يصحو من غفوته إلا ليعود إليها، لتطالب بحقها بسقف ودفء وحياة. لكن المواجهة لا تكون مأساوية إلى هذا الحدّ، إذ تأخذ المسرحية الأمر على محمل المداعبة، فقرنفل تسرق ختم الوالي، وتروح تختم لأهل ضيعتها تراخيص كانت تحتاج دهراً من قبل، وهكذا تزدهر القرية وتعيش رغم أنف الوالي. لكن لعشاق فيروز، المغنية، تبقى تلك الصورة لقرنفل ومظلتها محفوظة أبداً في أرشيف الذكريات، ولعل هذا ما احتاجه السوريون من فيروز، ليس ولعاً بالمسرح على وجه الدقة، إنما الصورة، والتذكار الشخصي، والحدث النادر والاستثنائي في ذاكرتهم، كما في ذاكرة مدينة متجهمة إلى هذا الحدّ، تبحث كل الوقت عمّا يضيء ذكرياتها.ولعل هذا ما يفسر تدافع السوريين بالآلاف على هذا الحدث، الذي خُصّص لحوالى عشرة آلاف متفرج فقط، على مدى ثمانية عروض. فكيف يتسع الحدث لمئات الآلاف من عشاق فيروز. وهذا كان بالطبع محور الجدل على الجانب السوري، على نحو يفاجئ المتراشقين بالسياسة، حيث همّ السوريين أنهم حرموا من فيروز رغم مجيئها إلى دمشق. خصوصاً مع تقشف السيدة فيروز في إطلالتها، للصحافة والتلفزة وسواهما، ولذلك أحيط الحفل بإجراءات لم يعهدها الجمهور السوري، من قبيل مصادرة هواتفهم الجوالة قبيل العرض، منعاً للتصوير بالدرجة الأولى، وكذلك مصادرة الكاميرات وحصر الأمر بممر إجباري رحباني. حتى إن فكرة شاشات كبيرة تنقل العرض إلى جمهور خارج المسرح لم تسعف منظمي العرض استجابة للتقشف الفيروزي. الجمهور الذي شاهد عرض صح النوم وعلى رأسهم نائب الرئيس السوري فاروق الشرع كان مأخوذاً بالفعل بإطلالة فيروز، كما بالعرض الذي جددته إخراجاً ريما الرحباني، ابنة فيروز، وزياد الرحباني الذي أعاد الاشتغال على موسيقا العرض، فأدخل آلات جديدة، خصوصاً الآلات النفخية، كما ألقى انتباهاً أكثر للموسيقا التصويرية. من شهد ذلك المساء بين جمهور فيروز لا يمكنه نسيان تلك اللحظة، التي دمعت لها عيون الكثيرين، إنه تعبير استثنائي، تجاه مغنية استثنائية، تجاه صورة تحفظها جيداً ذاكرة الجمهور العربي كله، ونشأت عليها كلّ طفولتها وثورة شبابها. فيروز لم تنس أن تردّ التحية لجمهورها، حين اقتربت خطوات إلى أول خشبة المسرح لتقول لهم، لتغنّيهم: ينسا الغفا عيوني إذا بنساكم.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"