عادي

الشعر والمرأة

02:37 صباحا
قراءة دقيقتين

لم يكن تاريخ الشعر العربي في يوم ما حافلاً بالشعراء الرجال دون الشاعرات النساء، بل كان للنساء الشاعرات، ومازال، حضورهن الواضح في هذا المجال، حيث تركن بصماتهن الشعرية، ومازلن، ما عكس صورة مشرقة لدور المرأة الشاعرة، جنباً إلى جنب، مع نصفها الثاني الشاعر الرجل.

ولا نبالغ إن قلنا إن الشاعرات من نبغن في مجال الشعر أكثر من الشعراء الرجال، وجرى شعرهن، ومازال، على كل لسان ذواق للشعر المميز، فالخنساء مثلا اشتهرت بمراثيها لأخيها صخر في الجاهلية، وشاعت قصائدها في كل مدينة وقرية ونجع، بل وصارت بعض أشعارها أمثالاً تتناولها الألسن:

قذى بعينك أم بالعين عوار

أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار

وإن صخراً لتأتم الهداة به

كأنه علم في رأسه نار

أدركت الخنساء الاسلام فأسلمت وبنوها الأربعة الذين استشهدوا في الدفاع عن الاسلام فيما بعد، وقالت قولتها المأثورة الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو أن يجمعني بهم في مستودع رحمته.

وأرحام دواوين الشعر حبلى بالشاعرات العربيات اللاتي كن على مدار تاريخ الشعر توابل طيبة تضفي مذاقاً طيباً على القافية العربية فزدنه جمالا على جمال، والقصيدة حين تخرج من بين أنفاس شاعرة، لعمري تكون أجمل وأرق وأنعم، والمرأة حين تنتمي إلى فضاءات عذب الكلام يكون ذلك أكثر دقة وتفصيلاً واتساقاً وتناغماً في الألوان من الرجل، والأمثلة على الشاعرات المبدعات كثيرة، وهنا لا يمكن أن ننسى الشاعرة التوابة رابعة العدوية التي أغنت الروح البشرية بأشعارها العذبة في توبتها، فجرت كلماتها ترانيم إيمان وخشوع قبل أن تجري مداداً على صفحات الكتب، وكذلك الشاعرة ليلى الأخيلية من بني عامر هؤلاء القوم الذين اشتهروا بقصص الحب العفيف مثل بني عذرة الذين ينتمي إليهم الحب العذري.

وكذلك الشاعرة الأندلسية ولادة بنت الخليفة المستكفي التي ضمت اضافة إلى سحر جمالها، موهبة أدبية فأحبها الشاعر الشهير ابن زيدون وبادلته الحب.

هذا عن قديم الشاعرات العربيات، أما عن الشاعرات المعاصرات فتلمع أسماء شهيرة ولشاعرات كبيرات منهن على سبيل المثال الشاعرة الدكتورة سعاد الصباح من الكويت والدكتورة عاتكة الخزرجي من العراق التي نالت الدكتوراه من فرنسا ودواوينها الكثيرة تشهد على إبداعها.

أما شعر المقاومة الحديث فتتربع على عرشه الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان ذات الرومانسية العالية التي تأثرت بطبيعة فلسطين الخلابة فعبرت بشعرها عن التمرد، وما آلت إليه أرضها من احتلال، وشكل شعر المقاومة جانباً مهماً من شعرها، وكانت فلسطين دائماً حاضرة فيه.

ولا ننسى نازك الملائكة الشاعرة العراقية الموهوبة التي طالما كان اسمها ملاصقاً لاسم الشاعر الكبير بدر شاكر السياب.

وكذلك الشاعرة اللبنانية الشهيرة مي زيادة ذات الحضور الكبير في عالم الشعر وللشعر النبطي أيضا نصيب كبير من الشاعرات اللائي أثرين الساحة الشعرية النبطية ببديع القصائد وجميل الابداعات كالشاعرة فتاة العرب، والجازية وأنغام الخلود وغيرهن الكثير.

هذا غيض من فيض، ولا نستطيع أن نأتي على أسماء كل الشاعرات، لكن نستطيع القول إن الشعر جرى على ألسنة النساء ومازال، وإن الشعر ليس ذكورياً فقط، بل يكون أعذب وألطف حين تكون النساء مصدره.

فلماذا التشكيك بشاعريتك أيتها الأنثى؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"