عادي

تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن

01:01 صباحا
قراءة 5 دقائق

في ظل الأزمة السياسية المستعصية في اليمن، يرزح الشعب اليمني تحت وطأة أزمة اقتصادية واجتماعية طاحنة، فاقمها الاقتتال، وشح الوقود، الذي أسهم في تفشي البطالة، وأعاق إنتاج السلع الغذائية، وتوفير الخدمات وتقديم المعونات الإنسانية .

ذكر برنامج الغذاء العالمي، (في موقعه على شبكة الانترنت)، أن اليمن يواجه وضعاً إنسانياً معقداً ومتدهوراً، يدع العديد من العائلات عالقة في شرك الجوع والفقر المطلق .

كما أنّ الجوع وسوء التغذية، متفشيان على نطاق واسع في البلاد، ويتطلبان تدخلاً عاجلاً .

ويأتي اليمن في المرتبة الحادية عشرة بين أكثر دول العالم افتقاراً إلى الأمن الغذائي، إذ يعاني واحد من كل ثلاثة يمنيين من الجوع الشديد .

ونصف أطفال اليمن مصابون بسوء التغذية المزمن، وواحد من كل عشرة لا يعيش حتى يبلغ سن الخامسة . وتأتي هذه المستويات الطارئة من سوء التغذية المزمن أو التقزم في المرتبة الثانية عالمياً، بعد افغانستان . .

كما أن نسبة الأطفال الذين يقلّون عن المتوسط من حيث الوزن، هي الثالثة في ارتفاعها في العالم، بعد الهند وبنغلاديش .

وتعاني البلاد، كما يقول البرنامج، من تصاعد نسبة البطالة وارتفاع معدلات الفقر . كما أدى انخفاض مستويات التعليم إلى أن تكون نسبة الأمية 66% بين النساء، و27% بين الرجال . ويثير وضع المرأة القلق بوجه خاص، لأن الفجوة بين الجنسين في اليمن هي الأعلى في العالم بصورة ثابتة .

ويضيف التقرير، أن الصراع الذي دار على مدى ست سنوات في محافظة صعدة، في الشمال الغربي، أدى إلى نزوح نحو 350 ألف شخص، كما طالت آثاره عدداً أكبر من ذلك .

يُضاف إلى ذلك، أنّ ألوف اللاجئين مستمرون في عبور خليج عدن من القرن الإفريقي كل عام . ومما أسهم في تردّي الأوضاع، التغير المناخي، وشحّ المياه، وانعدام الأمن بوجه عام، ومحدودية الحصول على الخدمات الأساسية مثل الماء النظيف .

وفي موقع ذي ديلي بيست، 18/7/ ،2011 كتبت إيلين نيكماير: أن أسعار الماء والغذاء شهدت ارتفاعاً جنونياً في غمار أزمة اليمن السياسية، بحيث بات عدد متزايد من العائلات الفقيرة يلجأ إلى شرب ماء المطر، وغيره من المصادر الملوثة . كما تتحدث بعض التقارير عن إصابات بمرض الكوليرا . وتخلو المدن اليمنية شيئاً فشيئاً من عمّال المياومة، وغيرهم من الفقراء، الذين يعودون مع عائلاتهم إلى قراهم على أمل الهرب من الجوع .

وتنقل الكاتبة عن بعض السكان في مدينة تعز الجنوبية، قولهم لها: لا يوجد عمل، ولا ماء، ولا كهرباء، ولا أمن . . عندما ننام في المساء، لا ندري هل سنعيش حتى الصباح أم لا، بسبب قصف البيوت، والرصاص المنهمر طوال الليل . . وكل ذلك يحدث، دون أن يحرّك العالم ساكناً .

وتستهجن الكاتبة تقاعس المجتمع الدولي، الذي سارع إلى وقف معونات التنمية للضغط على صالح، عن تقديم المعونة الإنسانية للمدنيين الواقعين في الشرك . وتضيف أن ردّ الفعل الإنساني غير الملائم، قد يعطي انطباعاً بأن المجتمع الدولي ذاته، يستخدم الجوع والعطش كأداتين سياسيتين . وتقول إن الدبلوماسيين الأمريكيين، لم يُبدوا أي علامة على الضغط على الساسة اليمنيين من أجل ايجاد حلّ يأخذ في الاعتبار الإلحاح الذي تتطلبه معاناة الناس .

وتأخذ الكاتبة على وسائل الإعلام العالمية، تركيزها على المأزق السياسي الناجم عن عناد صالح وأعوانه، في مواجهة الخصوم الساعين إلى الإطاحة به، وتقاعسها عن تسليط الضوء على محنة المدنيين المتفاقمة . وتضيف الكاتبة، إن التركيز الأساسي للولايات المتحدة، ظل منصبّاً على منع فرع القاعدة في اليمن، من استغلال الفوضى السياسية، ولكنها بعد أن أيقنت أخيراً بأنه لا يمكن الركون إلى استقرار الشراكة مع صالح ضدّ القاعدة، انضمت إلى الضغط الدبلوماسي الذي تمارسه عليه دول متعددة، داعية إياه إلى الاستقالة .

سوء التغذية

وكان اليمن حتى قبل الأزمة السياسية يمتاز بأعلى معدل في العالم، لسوء التغذية بين الأطفال كما يقول مسؤول اليونيسيف، غيرْت كابيلير، ويعاني 60% من أطفال اليمن دون سن الخامسة، التقزم الناجم عن سوء التغذية، وهو معدل أسوأ من نظيره في معظم دول جنوب الصحراء الافريقية . وكان سبعة ملايين نسمة من سكان البلاد الذين يبلغ عددهم، 24 مليوناً، يعيشون على أقل من وجبة واحدة في اليوم . وكانت الصراعات المسلحة، قد شردت مئات الألوف، وزادت من ارتباك الرعاية الصحية . ومنذ الأزمة السياسية اليمنية، أربكت الهجمات القبلية وغيرها من العراقيل، مصادر الوقود في البلاد، مما رفع سعر الخبز بنسبة 60% وسعر الماء الذي يُنقل بشاحنات بنسبة 400% . وتقول الكاتبة، إن هذا البلد، الذي كان ذات يوم، من أخصب بلدان شبه الجزيرة العربية، يمضي في سبيله إلى أن يصبح الدولة الأولى في العالم، التي ينضب الماء في عاصمتها . . ومنذ بدء القتال، لا تعْمُرُ الحنفيات بالماء إلاّ مرة أو اثنتين في الشهر، في أحسن الأحوال .

وجاء في موقع نيوز بليز، 19/7/2011 أن عدد المحتاجين إلى مساعدة إنسانية في جنوب اليمن في تصاعد مستمر، نتيجة لاستمرار الصراع، الذي أرغم مئات الألوف من الناس على الرحيل عن منازلهم . ففي الأسبوع الماضي، نزح ما يُقدر ب75 ألف شخص عن منازلهم في محافظات عدن، لحج، وأبيَن، وفق ما ذكره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية . كما أن النقص الحاد في الوقود، فاقم المصاعب على السكان المحليين وأعاق الأعمال، والخدمات الصحية، والعمليات الإنسانية . وأدى نقص الوقود إلى ارتفاع البطالة في غمار الارتفاع الجنوني في أسعار الغذاء . كما أربك توزيعَ الماء في مخيمات النازحين داخلياً، ما يرغم سكانها على استخدام الماء الملوث، ويزيد من انتشار الأمراض .

فقدان السلع الأساسية

وفي موقع تشاتام هاوس، المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن 19/7/،2011 كتب بيتر سالسبوري، أنّ الاحتجاجات والعنف في بعض المناطق الصناعية الكبرى في اليمن، وبخاصة في كبرى المدن الصناعية، تعز، أربكت إنتاج السلع الأساسية مثل الدقيق والأغذية المعلبة . وفي الحديدة على ساحل البحر الأحمر، التي تعد نقطة تزويد رئيسية لصنعاء، تم إغلاق بعض المصانع لأن أصحابها لا يستطيعون الحصول على الديزل اللازم لتشغيلها .

كما اضطرّت شركات صناعية وأعمال عديدة، إلى منح مستخدميها إجازات غير مدفوعة الأجر، فعاد الكثير من العمال اليمنيين الجوّالين إلى مناطقهم القبلية لأنهم لم يعودوا قادرين على تحمل نفقات العيش في مدن مثل تعز وصنعاء . ولا يُتوقع أن يجدوا كثيراً من العمل في القرى كذلك، والعديد منهم لديهم عائلات كانت تعتمد على ما يكسبونه قبل الأزمة .

وفي بلد، يكافح 45% من سكانه وفق مصادر البنك الدولي للعيش على دولاريْن أو أقل في اليوم، وكانت تقديرات نسبة البطالة فيه سنة ،2010 ما بين 20 و40% يكون لهذه الظروف آثار مدمرة . وتعني أن دخل نحو نصف السكان، لن يلبي حاجاتهم الأساسية، إن كان لديهم أي دخل أصلاً .

ويرى الكاتب، أن جذور الأزمة الاقتصادية، التي فاقمتها الأزمة السياسية الحالية، تعود إلى: عقود من الاعتماد على عائدات النفط (التي تشكل ما يزيد على 70% من دخل الدولة)، وإلى ضعف نظام الضرائب، والافتقار إلى سياسة اقتصادية واعية، تخلق الوظائف وفرص العمل لسكان البلاد الآخذين بالازدياد، بالإضافة إلى الفساد المزمن، والاعتماد على شبكات المحسوبية- الرسمية وغير الرسمية للحفاظ على توازن القوى .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"